الجراح المستعصية (الغائرة) لا يفيد فيها المرهم ، ولا يكون ناجعا إلا بأن تفتح وتقوى ، ونحن نعلم أن كثيرا من الرجال كانوا رجالا ، وقد طلبوا الرجولة هكذا من أجل صلاح العالم ، وقد أدركوا ذلك وفازوا به ، وكل شخص لم يكن قادرا هكذا فى العلاج والمداواة نتيجة لضعفه فإنه يطلب الطبيب ، كما تفعل الأم المشفقة لولدها حبيب قلبها ومناط روحها ، فإذا ما رأت أن الدواء مر ، وأن الكى حارق ، وأن الجراح صعبة ، فإن قلبها نتيجة ضعفها وعدم ثباتها يستسلم للقلق والاضطراب والجزع ، إلا أن الابن لا يجد الشفاء من العلل إلا بكل ذلك حيث يجد السلامة وتحل الراحة والسكينة بصدر الأم الضعيف فتعود بالثناء على ذلك الطبيب لسلامة ولدها ونجاته.
أما تفسير أمر الفيل فقد كان السلطان يأمر بأن يلقى كل قاطع طريق وصاحب بدعة تحت أقدام الفيل.
وأما الثور فهو وعاء كبير على هيئة ثور كان يذاب فيه الرصاص ، فكان يلقى بالإنسان فى داخله ليصهر.
وأما الحمار فكان من حديد ، ويقف على ثلاثة أرجل فكان البعض يعلقون من أقدامهم فيه ويتركون هكذا حتى يهلكوا.
وأما الشجرة فقد كانوا يثبتون فيها أربعة مسامير ، ولم تكن تلك العقوبات تنفذ إلا فى حق الساحر وقاطع الطريق ، وما ذكرته بعد ذلك من أن السلطان كان يمنع الناس من البذخ فى المعيشة والبسط فى الإنفاق ، فقد وضعت السنة هذا الأمر ، وقصد به إظهار التوسط والتقدير بين الخلائق حتى يتضح شأن كل طبقة فيتميز الأشراف ورجال الجيش ، فقد جعل للمقاتلين درجات من الشرف والفعل فى كل نوع فوق تلك الجماعة ، فهم دوما يجعلون من أنفسهم وأموالهم وأتباعهم فداء لأهل المهنة ، ويفضلون ذلك على صلاح أنفسهم كما إنهم مشغلون بحرب أعداء الولاية ، فى حين أن أهل المهن مقيمون فى وداعة ورفاهية آمنين مطمئنين فارغين من كل فكر خاص ببيوتهم ومعاشهم ، ينعمون بصحبة الزوجة والأبناء ، وكان واجبا على أهل المهن أن يجيبوهم ويسجدوا لهم وأن يقدموا للمقاتلين من الاحترام مثلما يقدم الأهل الدرجات ، وعلى أهل الجيش أيضا أن ينظروا إلى بعضهم البعض بنفس نظرة العلو فى الدرجة