تقرأه ، وروى
عن" نضر بن شمبل" أنه قال ذهبت فى ليلة من الليالى إلى"
المأمون" مرتديا ثوبا باليا فقال لى أيدخل رجل مثلك بمثل هذا الثوب على أمير
المؤمنين؟ فقلت يا أمير المؤمنين لا طاقة لى بجو" مرو" حتى مع مثل هذا
الثوب البالى ، فأجلسنى وانشغلنا بالتحدث فى أسانيد الحديث وجرى الحديث بيننا فى
شتى المواضيع إلى أن قال حدثنى" هيثم بن بشير" عن" مجالد بن
سعيد" عن الشعبى أن رسول الله صلى عليه وآله قال إذا تزوج الرجل المرأة
لدينها وجمالها كان فيها سداد عن عوز ، فقلت : يا أمير المؤمنين صدق"
هيثم" حدثنى" عوف الأعرابى" عن" الحسن" مرسلا ـ أن رسول
الله صلى الله عليه وآله قال : (إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها
شداد من عوز) ، وكان" المأمون" متكئا فاستقام وقال لى يا" نضر
الشداد" لحن فقلت نعم يا أمير المؤمنين ، ولكن لحن" هيثم" صحيح
لأنه كان لحانا فقال ما الفرق بين السداد والشداد فقلت السداد القصد فى الدين
والسبيل ، والشداد البلغة وكل شىء سد به فهو سداد فقال ألا يوجد للعرب بيت قط فى هذا
الشأن؟ فقلت هذا البيت : ـ
أضاعونى وأى فتى
أضاعوا
|
|
ليوم كريهة
وسداد ثغر
|
فمكث"
المأمون" فترة وهو مطأطئ الرأس ثم قال بعد ذلك قبح الله من لا أدب له ، وطلب
المحبرة ثم وقع على ورقة وأعطاها للحاجب وأنا لا أعلم ما هو ذلك وسألنى عن أبيات
للعرب وأسماء وأحاديث من كل نوع وحين نهضت أتى" الخادم" فى أثرى وقادنى
إلى" الفضل بن سهل" وسلمه توقيع المأمون فلما طالعه قال لى لأى سبب أمر
أمير المؤمنين لك بخمسين ألف درهم فرويت له حديث هيثم وأنه كان لحانا ، فقال لى
أرأيت شخصا أفصح منك ومن الخليل بن احمد فقلت نعم أنا والخليل كنا عند بيعة
الأعرابى وكان قد جلس على سطحه فقال لنا استووا فلم نعرف ماذا يقول وكان معه
أعرابى آخر فقال : تعلمون مإذا يقول؟ فأجبنا : بلا فقال : إنه يقول ارتفعوا فقال
الخليل : إنه من كلام الله حيث يقول : " ثم استوى إلى السماء" وبعد ذلك
قال" هل لكم فى خبز فطير وماء نمير ولبن جهير فقلت ما بنا من حاجة فقال لنا
سلاما فلم نعرف مإذا يريد بهذا فقال الأعرابى عودوا فلمّا عدنا قال الخليل بن أحمد
إنه أجاب بكلام الله أيضا إذ يقول فإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" ومن
كمال نظر المأمون أنه