بعضهما على البعض وسار إلى أن أجتمعا بقومهم فخطب عمر بن الخطاب رضى الله
عنه على الجيوش خطابا ختمه يحثهم على الصلاة وبعد ذلك جلس فأخذ أبو عبيدة يقص عليه
ما لقى من الرومان وكان عمر باهتا تارة يبكى وتارة يهدأ وبعد ذلك أمر عمر رضى الله
عنه بأن يخبروا الرومان بحضوره ولما بلغ البطريرك ذلك خرج من الكنيسة ومعه القسوس
والرهبان والأسقافة ومعهم الصليب وسار معهم فسلموا إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه
كما طلبوا وحينئذ كتب أمانهم ونصه :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(من عمر بن
الخطاب لأهل إيليا أنهم آمنون على دمائهم وأولادهم ونسائهم وجميع كنائسهم لا تهدم
ولا تسكن آه ذكره الإمام ابن خلدون).
ودخل عمر بن
الخطاب رضى الله عنه بيت المقدس وذلك سنة ٦٣٤ م ودخل كنيسة القيامة فجلس فى صحنها
وحان وقت الصلاة فقال للبطريرك : أريد الصلاة فقال : صلّ موضعك فأمتنع وصلى على
الدرجة التى على باب الكنيسة منفردا فلما قضى صلاته قال : للبطريرك لوصليت داخل
الكنيسة لأخذها المسلمون بعدى وقالوا : هنا صلى عمر رضى الله عنه. ثم قال للبطريرك
: أرنى موضعا أبنى فيه مسجدا فقال : على الصخرة وهى موضع هيكل سليمان الحكيم وكانت
مغطاة بالأقذار فجعل ينظفها بيده فأقتدى به المسلمون فزالت فى الحال وأمر ببناء
المسجد فبنى ولم يكن ذلك بإتقان عظيم وبقى إلى أن أتقن بناءه عبد الملك بن مروان
الخامس من خلفاء بنى اميّة.