قولهم : دور متناظرة أي : متقابلة ، لأنّهما متقابلان (١) وإمّا من النّظر وهو البحث ، لأنّ كلا منهما (٢) ينظر فيما ينظر فيه الآخر ، وإمّا من النظر وهو الرّويّة (٣) ، وإمّا من النظير وهو المثل ، «الصّكوك والسّجلّات» : الكتب ، «ملتبسون» : متّصلون ، وأصله الاختلاط ، «أيّة سلكوا» أي : أيّة (٤) وجهة سلكوا ، «أينما وجّهوا» : أيّ : موضع توجّهوا ، «كلّ» : عيال وثقل (٥) ، «حيث سيّروا» أي : ساروا ، «في تضاعيف ذلك» : أي : في أثناء ما ذكرت من مواضع استعمالهم العربيّة ، «يجحدون فضلها» : وصف لهم إمّا بالبله والغفلة ، وإمّا بإنكار الحقّ مع العلم به ، و «الخصل» : ما يراهن عليه في الرّمي ، ثمّ غلّب في الفضل والغلبة لكونه عنه (٦) ، «ويذهبون عن توقيرها» : أي يفارقون تعظيمها أو يغفلون ، و «يمزّقون أديمها» : أي يخرقون جلدها لذمّهم (٧) لها ، «ويمضغون لحمها» : إمّا كناية عن الذّمّ مثل من يأكل لحم أخيه ، فيكون مثل «يمزّقون أديمها» ، وإمّا كناية عن الانتفاع ، والمثل السّائر في ذمّ المحسن «الشعير يؤكل ويذمّ» (٨) ، وكذلك «يجري بليق ويذمّ» (٩) و «قطّعت الأسباب بيني وبينه» (١٠) استعارة في إزالة الوصلة (١١) ، «فيطمسوا» : فيمحوا ، «نفضت غبار كذا عنّي» (١٢) استعارة في إذهابه ألبتّة ، «وفي الفرق بين إن وأن» : يعني في مثل : «أنت طالق إن دخلت الدار ، وأن دخلت الدّار» ، ويقال : إنّ الكسائيّ سأل أبا يوسف (١٣) في حضرة الرشيد ولفظ بأن مفتوحة فقال : «تطلق إن دخلت» ، فقال الكسائيّ : أخطأت ، وبيّن أنّها للتعليل (١٤) ، ومحمّد
__________________
(١) عدّ ابن الحاجب الدور المتقابلة طرفين وأعاد الضمير عليهما.
(٢) سقط من ط : «منهما». أعاد ابن الحاجب ضمير المثنى على المتناظرين.
(٣) في ط : «الرؤية» ، تحريف. «النظر : الفكر في الشيء .. ونظر الرجل ينظره : تأنىّ عليه» اللسان (نظر)
(٤) قال ابن يعيش :«وأيّ قد تؤنث إذا أضيفت إلى مؤنث وترك التأنيث أكثر فيها»،شرح المفصل : ١ / ٩.
(٥) «الثّقل : الحمل الثقيل» ، اللسان (ثقل).
(٦) «الخصل في النضال : الخطر الذي يخاطر عليه ، الخصلة : وهي الغلبة في النضال والقرطسة في الرّمي» اللسان (خصل).
(٧) في د. ط : «جلدها عنه لذمهم».
(٨) انظر جمهرة الأمثال : ٢ / ٤٢٥ ، ومجمع الأمثال : ١ / ٣٦٥ ، وفيه «يقال:خبز الشعير يؤكل ويذم».
(٩) انظر جمهرة الأمثال : ٢ / ٤٢٤ والمستقصى : ٢ / ٤٠٩ ومجمع الأمثال : ٢ / ٤١٤ ، وبليق : اسم فرس كان يسبق ومع ذلك يعاب.
(١٠) يريد قول الزمخشري : «ولا يقطعون بينهما وبينهم الأسباب» المفصل : ٣.
(١١) بعدها في د : «ومنه قول الشاعر : فقطعت الأسباب بيني وبينه».
(١٢) إشارة إلى قول الزمخشري : «وينفضوا من أصول الفقه غبارهما» المفصل : ٣.
(١٣) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري ، أبو يوسف القاضي ، توفي سنة ١٨٢ ه. انظر وفيات الأعيان : ٦ / ٣٧٨ ـ ٣٩٠.
(١٤) انظر هذه المسألة في معجم الأدباء : ١٣ / ١٧٥ ، والأشباه والنظائر في النحو : ٣ / ٥٣٤ ـ ٥٣٥.