والضرب والاغتصاب ، والإذلال والأمر والانتهاب ، ثم أوقع الله بينهم العداوة والبغضاء. وهكذا طبع أهل عمان وأرجو أنه لا يزول عنهم عليهم ، لهم الهمم العالية والنفوس الأبية لا ينقادون لسلطان ولا يقرون على هوان ولا يستسلمون إلا لغالب ، ومع ذلك لا يتركون المطالب همة الضعيف منهم كهمة الأمير من غيرهم ، كل أحد منهم يريد أن يكون الأمر بيده أو بيد من مال إليه بوده ، والناس أتباع له والاخر كذلك وإن لم يكونوا أهلا لذلك إلا من شاء الله من أهل الورع والصلاح والعفة والفلاح ، فإنهم لا تميل لهم الأهواء ولا تأخذهم الحمية حمية الجاهلية. إلى أن صار الأمر منهم إلى الوحشة من بعضهم بعض فتضادوا وتحاربوا وتناهبوا وتسالبوا ولم يقصّر كل فريق منهم عن إساءة قدر عليها في خصمه ولم يبق أحد من أهل المدر والوبر من البادية والحضر ولو كان في شواهق الجبال أو في أودية الرمال إلا وقد تجرع غصص المخاوف وصار الدين والأموال والأنفس إلى أشد المتالف إلا من هون الله عليه المحنة ونجاه من الفتنة ومنّ عليه بالعصمة. فلم يزالوا كذلك منهمكين في موبقات المهالك سالكين شر المسالك ، إلى أن منّ الله عليهم بظهور عبده الأرشد إمام المسلمين ناصر بن مرشد بن مالك.
وذلك أنه اختلفت اراء أهل الرستاق ووقعت بينهم المحنة والشقاق وسلطانهم يومئذ مالك بن أبي العرب المقدم ذكره في الباب السابق ، فاستشاروا العلماء المسلمين أهل الاستقامة في الدين أن ينصبوا لهم إماما يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فأمضوا نظرهم وأعملوا فكرهم من يكون أهلا بذلك. والقدوة يومئذ خميس بن سعيد الشقصي فاجتمعت اراؤهم أن ينصبوا السيد الأجل فمضوا إليه وطلبوا منه ذلك ورغبوه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فأجابهم إلى ذلك فعقدوا له في عام أربع وثلاثين بعد