أي المعاني الّتي هي من جنس الغرايز الّتي خلق عليها الشيء من غير مدخل لاختياره فيها ، ولا تنفك عنه ، (ونحوها) ، ممّا يقوم بموصوفه مع اللبث ، ولا يتجاوز إلى غيره ، ويجري مجرى الغرائز ، ـ (ك ـ حسن ، وقبح ، وكبر ، وصغر) ـ فانّها تدل على الغرائز الّتي هي : الحسن ، والقبح ، والكبر ، والصغر ، و «طهر» و «نظف» ، من الطهارة ، والنظافة ، الجاريتين مجراها.
هذا ما يقال هنا. (١)
ومنهم من فسّر أفعال الطبائع بالأفعال الصادرة عن الطبيعة ، بمعنى القوّة الموجودة في الشيء ـ الّتي لا شعور لها بما يصدر عنها ـ ويكون أثرها على نهج واحد ، ولا يختلف باختلاف الأوقات ، فتأمّل.
(ومن ثمّ) أي ومن أجل أنّه لأفعال الطبائع ونحوها ، وهي : معان قائمة بموصوفاتها ، من غير أن يتعدّى إلى الغير ، وان وقع التعدّي في آثارها في بعض الأوقات ، لا في نفسها ، (كان لازما) دائما ، في لغة جميع العرب الّا هذيل فيما حكاه أبو علي من وقوع التعدّي فيه ، في لغتهم ولأجل اللزوم فيه يتحوّل المتعدّي لازما ، إذا حوّل إليه للمبالغة ، والتعجّب ، نحو : فهم زيد ـ بضمّ العين ـ بمعنى ما أفهمه.
(وشذ رحبتك (٢) الدار) ، وهو إنّما تعدّى في الظاهر ، وإلّا فأصله لازم ، والتعدّي فيه بواسطة الخافض المحذوف ، (أي رحبتك بك). أي إتّسعت بك ، فحذف الجار واوصل الضمير بالفعل ، فشذوذه للالباس ، حيث استعمل في صورة المتعدّي على ما قيل.
وقيل : إنّ التعدّي فيه لتضمين معنى وسع ، وكذا : التعدّي في طلع ـ بالضم ـ في انّ
__________________
(١) وفي نسخة : هذا ما يقال منّا هنا.
(٢) هذا تفريع على قوله «فعل» لازم ، ولا يجيء فعل متعديا في الصحيح غيره ، وأمّا المعتل فقد اختلفوا فيه ، وقال بعضهم : بجواز ذلك ، وقال سيبويه : لا يجوز ذلك.