فأضحى نبيذا بالعراء وضلّلت |
|
مكائده عنه وأمواله الدّثر |
ولم يغن عنه جمعه المال برهة |
|
ولا كيده حتّى أتيح له الدّهر |
فلما مات عمرو بن العاص ولّى معاوية على ديار مصر ولده عبد الله بن عمرو.
قال الواقديّ : فعمل له عليها سنتين. وقال غيره : بل أشهرا. ثمّ عزله وولّى عتبة (١) بن أبي سفيان.
ثمّ عزله وولّى عقبة بن عامر سنة أربع وأربعين ، فأقام إلى سنة سبع وأربعين فعزله.
وولّى معاوية بن حديج ، فأقام إلى سنة خمسين ، فعزله.
وولّى مسلمة بن مخلّد وجمعت له مصر والمغرب (٢) ؛ وهو أوّل وال جمع له ذلك.
قال ابن عبد الحكم : حدّثنا عبد الملك بن مسلمة ، عن ابن لهيعة عن بعض شيوخ أهل مصر ، قال : أوّل كنيسة بنيت بفسطاط مصر الكنيسة التي خلف القنطرة أيّام مسلمة بن مخلّد ، فأنكر ذلك الجند على مسلمة ، وقالوا له : أتقرّ لهم أن يبنوا الكنائس! حتّى كاد يقع بينهم وبينه شرّ ، فاحتجّ عليهم مسلمة يومئذ. فقال : إنّها ليست في قيروانكم ، وإنّما هي خارجة في أرضهم ، فسكتوا عند ذلك.
فأقام مسلمة أميرا إلى سنة تسع وخمسين.
وكان عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان بن ربيعة الثقفيّ المشهور بابن أم الحكم ـ وأمّ الحكم هي أخت معاوية ـ أميرا على الكوفة ، فأساء السيرة في أهلها ، فأخرجوه من بين أظهرهم طريدا ، فرجع إلى خاله معاوية ، فقال : لأولينّك مصر خيرا منها ، فولّاه مصر ، فلمّا سار إليها تلقّاه معاوية بن حديج على مرحلتين من مصر ، فقال : ارجع إلى خالك ، فلعمري لا تسير فينا سيرتك في أهل الكوفة ، فرجع ابن أمّ الحكم ولحقه معاوية بن حديج وافدا على معاوية. فلمّا دخل عليه وجده عند أخته أمّ الحكم ـ وهي أم عبد الرحمن الذي طرده عن مصر ـ فلما رآه معاوية ، قال : بخ بخ! هذا معاوية بن حديج ؛ فقالت أمّ الحكم : لا مرحبا! تسمع بالمعيديّ (٣) خير من أنّ تراه. فقال معاوية
__________________
(١) في الكامل لابن الأثير ٣ / ٢٢٦ : في سنة سبع وأربعين عزل عبد الله بن عمرو بن العاص عن مصر ووليها معاوية بن حديج.
(٢) في الكامل لابن الأثير ٣ / ٢٣٠ : وولّى مسلمة إفريقية مولى له يقال له : أبو المهاجر.
(٣) يضرب هذا المثل لمن خبره خير من مرآه ، وأوّل من قاله المنذر بن ماء السماء لمشقّة بن ضمرة المعيديّ. [المنجد في اللغة].