والمضلة ، وقرئ مرسوماه بالوظيفتين في يوم واحد في دكّة المؤذنين بعد صلاة
الجمعة ، وذلك أول سنة سبع وستين وسبعمائة. وله التصانيف الحسنة والدروس المفيدة ،
متع الله المسلمين ببقائه.
ثم سكن الحجرة
المتقدم ذكرها بعد الشيخ عز الدين العالم الورع شهاب الدين القرمي رحمهالله ، يا له من رجل! ما كان أكثر خيره ، وما أحسن عبادته
وعفته وصيانته ، وأغزر علمه وحلمه ، لم أر أحدا من أضرابه أكثر منه اتّباعا للسنّة
ولا محافظة عليها ، ولا أكرم منه ولا أطيب من نفسه ، حسن المحاضرة والمداعبة
والنوادر ، كان في القرم وخوارزم واعظا مجيدا مربيا ، وكان بارعا في علومه مع جودة
وسكون وحشمة ، توفي رحمهالله في طريق مكة عند قديد قافلا من الحج إلى المدينة
المشرفة في سنة أربع وأربعين وسبعمائة.
وكان من شيوخ
الوقت والأئمة الكبار في العلم والعمل ومعرفة الحديث والرجال الشيخ أبو عبد الله
محمد بن أحمد بن الأمين الأقشهري الأخلاطي .
ارتحل إلى
المغرب في حال شبوبته ، وأدرك رجالا من أعيان المغاربة والأندلسيين وعلمائهم ،
فأخذ عنهم واشتغل عليهم ، وطالت إقامته فيهم حتى كان الذي يجتمع به لا يشك أنه
مغربي الأصل ، وكان قد يسّر الله عليه تدوين الحديث والعلم ، فلا تسأله عن شيء من
علم الحديث ورجاله إلا وجدت عنده منه طرفا جيدا ، وحفظا حسنا ، صنّف تصانيف كثيرة
، واختصر مطوّلات عديدة ، وتردد إلى مكة والمدينة ، ثم أقام بالمدينة المشرفة في
آخر مدّته ، وتزوج بها زوجة يمنية فولدت له بنتين ، سماهما طابة ، وطيبة ، وسرّ
بهما في آخر عمره ، ثم إنهما توفيتا في حياته فحزن لفقدهما حتى كاد يفنى لفنائهم ،
توفي رحمهالله في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.
وكان لنا شيخ
عظيم القدر كاشف الأسرار الحقيقية يقال له : الشيخ سعادة ، كانت إقامته بمكة والمدينة يتردد بينهما ، وكان قد
اشتهر في زمانه
__________________