وأخبرني رحمهالله : أنه اغتسل في منزلة من منازل الحاج بالليل ، فحل
حزامه وكان فيه مال عظيم جل ما يملكه. قال : فاشتغلت ونسيت حتى رحلت ، ثم تذكرت
بعد مرحلة ، فحصل له من الأسف والحزن على ذلك المال الحلال أمر عظيم ، فما كان إلا
قليل إذ جاءني من يستفتيني ، في لقطة.
فقلت له : في
أي شيء هي؟
قال : في حزام.
فقلت له :
هاتها.
فهي لي بأمارة
كذا وكذا ، رحمة الله عليه.
توفي رحمهالله بمصر سنة ثلاثين وسبعمائة ، ومولده سنة اثنتين وستين
وستمائة ورثاه الشيخ أثير الدين بن حيان وغيره.
وكان مثل هؤلاء
في العبادة والزهد ، والقناعة ومحبة الإقامة بالمدينة ليموت بها.
الشيخ أبو عبد
الله بن سليمان رحمهالله ، كان مكبّا على فعل الخير ملازما للصلاة والصوم ، وكان
أبوه في تونس وزير سلطانها بل هو في الحقيقة ملكها ، فخرج ولده هذا عن حال أبيه ،
وصحب الشيخ أبا محمد المرجاني فتخلق بأخلاقه وتأدب بآدابه ، حتى ظهرت أنوار العلم
والعمل عليه ، وانتهت الكرامات إليه. وكان من أحبابي الذين انتفعت بهم وبدعائهم ،
وكانت له في تونس زاوية ، وله أولاد وذرية رحمهالله وجمعنا وإياه في مستقر رحمته.
وممن كان من
هؤلاء الجماعة في المدرسة الشهابية الشيخ يعقوب الشريف ، كان له فقه وعلم واشتغال
وعليه هيبة وجلالة ، وإذا رأيته ملأ عينك بشرا من نظافته وجماله وعزته ، أقام سنين
كثيرة وكان له غيرة عظيمة على أهل السنّة ، لا يزال ينكر المنكر ، ويتعرض لأهل
البدع فيأخذ منهم
__________________