فخر الدين ابن الكويك ، وكان معهم أيضا الشيخ شهاب الدين ابن النقيب ، وكانت سنة حسنة تنقضي في ذكر محاسنها الأزمنة.
وكان القاضي بدر الدين ابن الخشاب حسنة زمانه ، قد جاوز الذروة العليا والغاية القصوى في العلم الباهر ، والعقل الوافر ، وحسن الفصل للخصومات مع الجزالة والهيبة والقيام في الحق ، حاكم إن قيل حاكم ، وقام بالخطابة والإمامة أحسن قيام ، وانقضت تلك السنة كأنها أحلام ، وكان القاضي شمس الدين ابن السبع مجاورا بمكة.
ولما خلت الديار المصرية من القاضي عز الدين ابن جماعة ، تكلم نور الدين ابن شمس الدين ابن السبع لوالده وساعده الأمير شيخو ، فجاءنا الخبر في الموسم الشامي بأن بدر الدين ابن الخشاب قد عزل ورد ابن السبع إلى منصبه ، فلما جاء الركب المصري جاء التقليد والخلعة لابن السبع ، واستقر في المنصب من أول سنة ست وخمسين وسبعمائة ، وجرى على أخلاقه المعهودة ، وسألني أن أكون نائبا عنه ، فامتنعت.
فكان يقول لي كلما لقيني : أنا أسألك الله العظيم عند هذا النبي الكريم كلما زرته أن يسخرك لي ، وإذا سألني عن خطبته أقول له : حسنة ، يقول هذه إجازة منك والله ، ويسر بذلك ، ولا ينقم على أحد من الجماعة الذين تكلموا فيه في القاهرة ، وحاسن الناس ومشّى الحال ، وقام بوظائفه على طريقة أشبه من طريقته الأولى ، وكان يذكر أنه يعرف بابن السبع من جهة الخؤولة ، لأن جده لأمه كان رجلا صالحا ركب السبع فجرى عليه هذا اللقب.
وأما جده لأبيه فكان أميرا صاحب أقطاع ، عتيقا لشخص لم يحضرني الآن اسمه ، وذكر أنه سمع الكتب الستة على الشيخ شرف الدين الدمياطي ، و «السيرة» على الأبرقوهي ، ولبس منه الخرقة بإلباسه من الشيخ شهاب الدين السهروردي رحمهمالله ، واستمر في الوظيفة إلى الحادي عشر من شهر ربيع الآخر أحد شهور سنة تسع وخمسين وسبعمائة ، فاتفق في صبيحة العاشر من الشهر المذكور أن جاء ركب كبير إلى أن قربوا من باب البلد ونزلوا تحت القلعة ، ولم يتحقق الناس منهم وظنوا أنهم قفل من أهل ينبع.