أبو حيان : وليس (كيف يلتقيان) بدلا ، بل استئنافا للاستبعاد ، وكذا (إن ربك) ؛ لئلا يؤدي إلى إسناد الفعل إلى الجملة وهو ممنوع.
(ولا يتقدم بدل الكل) على المبدل منه ؛ لأنه لا يدري أيهما هو المعتمد عليه ، بخلاف بدل البعض فيقدم لكن الأحسن إضافته نحو : أكلت ثلث الرغيف.
(وفي) جواز (حذف المبدل منه) وإبقاء البدل (رأيان) قيل : يجوز وعليه الأخفش وابن مالك نحو : أحسن إلى الذي وصفت زيدا ، أي : وصفته ، وجعل منه : (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) [النحل : ١١٦] ، وقيل : لا وعليه السيرافي وغيره ؛ لأن البدل للإسهاب والحذف ينافيه ، (ويجوز القطع) على إضمار مبتدأ كالإتباع (فيما) أي : بدل (فصل به جمع أو عدد) نحو : مررت برجال طويل وقصير وربعة ، و «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله» (١) الحديث ، (وكذا غيره) أي : غير التفصيل يجوز فيه القطع أيضا نحو : مررت بزيد أخوك نص عليه سيبويه والأخفش ، (وقيل : يقبح) في غير التفصيل (ما لم يطل الكلام) فيحسن نحو : (بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ) [الحج : ٧٢].
حروف العطف
(حروف العطف) أي : هذا مبحث الحروف العاطفة وتسمى المعطوف بها عند البصريين شركة ، وعند الكوفيين وهو المتداول نسقا بفتح السين اسم مصدر نسقت الكلام أنسقه نسقا بالتسكين ، أي : عطفت بعضه على بعض ، قال أبو حيان : ولكونه بأدوات محصورة لا يحتاج إلى حده ، ومن حده كابن مالك بكونه تابعا بأحد حروف العطف لم يصب ، مع ما فيه من الدور ، ولتوقف معرفة المعطوف على حرفه ومعرفة الحرف على العطف.
حرف الواو
(الواو) وهي (لمطلق الجمع) أي : الاجتماع في الفعل من غير تقييد بحصوله من كليهما في زمان ، أو سبق أحدهما ، فقولك : جاء زيد وعمرو يحتمل على السواء أنهما جاءا معا أو زيدا أولا أو آخرا ، ومن ورودها في المصاحب : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ) [العنكبوت : ١٥] ، وفي السابق : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ) [الحديد : ٢٦] ، وفي المتأخر : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) [الشورى : ٣] ، واستدل لذلك بأن
__________________
(١) أخرجه البخاري ، كتاب الإيمان ، باب بني الإسلام على خمس (٨).