كانت لا يقع بعدها إلا المفرد ، بخلاف (لكن) فإنه لا يقع بعدها إلا كلام تام لقبوه بالاستثناء تشبيها بما إذا كانت استثناء حقيقة ، وتفريقا بينها وبين لكن ، والكوفيون يقدرونه ب : (سوى) ، وقال قوم منهم أبو الحجاج وابن يسعون : إلا مع الاسم الواقع بعدها في المنقطع يكون كلاما متسأنفا ، وقال في نحو قوله :
٨٨٠ ـ وما بالرّبع من أحد |
|
إلّا الأواريّ ... |
(إلا) فيه بمعنى لكن ، والأواري اسم لها منصوب بها ، والخبر محذوف كأنه قال : لكن الأواري بالربع ، وحذف خبر إلا كما حذف خبر لكن في قوله :
٨٨١ ـ ولكنّ زنجيّا عظيم المشافر
قال أبو حيان : ولا يستوي المتصل والمنقطع في الأدوات ، فإن الأفعال التي يستثنى بها لا تقع في المنقطع ، لا تقول : ما في الدار أحد خلا حمارا.
ثم المستثنى منه تارة يكون محذوفا ، وتارة يكون مذكورا.
فالأول : يجري على حسب ما يقتضيه العامل قبله من رفع أو نصب أو جر بحرفه ؛ لتفريغه له ، ووجود (إلا) كسقوطها نحو : ما قام إلا زيد ، وما ضربت إلا زيدا ، وما مررت إلا بزيد ، (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) [آل عمران : ١٤٤] ، وما في الدار إلا عمرو ، ولا يكون ذلك عند أكثر النحاة إلا في غير الموجب وهو النفي ، كما مثل والنهي والاستفهام نحو : (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) [النساء : ١٧١] ، (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) [البقرة : ٨٣] ، (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) [الأنعام : ٤٧] ، وجوز بعضهم وقوعه في الموجب أيضا نحو : قام إلا زيد ، وضربت إلا زيدا ، ومررت إلا بزيد ، والجمهور على منعه ؛ لأنه يلزم منه الكذب ؛ إذ تقديره ثبوت القيام والضرب والمرور بجميع الناس إلا زيدا وهو غير جائز ، بخلاف النفي فإنه جائز ، ولو كان الموجب لازما له نفي ك : (لو) و (لو لا) ، فذهب المبرد إلى
__________________
٨٨٠ ـ البيت من البسيط ، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٤ ، والأغاني ١١ / ٢٧ ، والإنصاف ١ / ١٧٠ ، والخزانة ٢ / ١٢٢ ، ١٢٤ ، ١٢٦ ، ١١ / ٣٦ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٥٤ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٩١ ، وشرح المفصل ٢ / ٨٠ ، والكتاب ٢ / ٣٢١ ، واللسان مادة (أصل) ، واللمع ص ١٥١ ، والمقتضب ٤ / ٤١٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٥٢ ، ٢٦٩.
٨٨١ ـ تقدم الشاهد برقم (٥١٢).