وقد ألّفت في هذه
السنة ، فكان أوّل شيء ألّفته شرح الاستعاذة والبسملة ، وأوقفت عليه شيخنا شيخ
الإسلام علم الدّين البلقينيّ ، فكتب عليه تقريظا ، ولازمته في الفقه إلى أن مات ؛
فلازمت ولده ، فقرأت عليه من أوّل التدريب لوالده إلى الوكالة ، وسمعت عليه من
أوّل الحاوي الصغير إلى العدد ، ومن أوّل المنهاج إلى الزكاة ، ومن أوّل التنبيه
إلى قريب من باب الزكاة ، وقطعة من الرّوضة من باب القضاء ، وقطعة من تكملة شرح
المنهاج للزركشيّ ؛ ومن إحياء الموات إلى الوصايا أو نحوها. وأجازني بالتدريس
والإفتاء من سنة ستّ وسبعين ، وحضر تصديري.
فلمّا توفّي سنة
ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام شرف الدّين المناويّ. فقرأت عليه قطعة من المنهاج ،
وسمعته عليه في التقسيم إلا مجالس فاتتني ، وسمعت دروسا من شرح البهجة ، ومن حاشية
عليها ، ومن تفسير البيضاويّ.
ولزمت في الحديث
والعربية شيخنا الإمام العلّامة تقيّ الدين الشّبليّ الحنفيّ ، فواظبته أربع سنين
، وكتب لي تقريظا على شرح ألفية ابن مالك وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي ،
وشهد لي غير مرّة بالتقدّم في العلوم بلسانه وبنانه ، ورجع إلى قولي مجرّدا في
حديث ؛ فإنّه أورد في حاشيته على الشفاء حديث أبي الجمرا في الإسراء ، وعزاه إلى
تخريج ابن ماجة ، فاحتجت إلى إيراده بسنده ، فكشفت ابن ماجة في مظنّته ، فلم أجده
، فمررت على الكتاب كلّه ، فلم أجده ، فاتّهمت نظري ، فمررت مرة ثانية فلم أجده ،
فعدت ثالثة فلم أجده ؛ ورأيته في معجم الصحابة لابن قانع ، فجئت إلى الشيخ وأخبرته
، فبمجرّد ما سمع منّي ذلك أخذ نسخته ، وأخذ القلم فضرب على لفظ ابن ماجة ، وألحق
ابن قانع في الحاشية ؛ فأعظمت ذلك وهبته لعظم منزلة الشيخ في قلبي ، واحتقاري في نفسي
، فقلت : ألا تصبرون ، لعلّكم تراجعون؟! فقال : لا ، إنّما قلّدت في قولي ابن ماجة
البرهان الحلبيّ. ولم أنفكّ عن الشيخ إلى أن مات.
ولزمت شيخنا
العلّامة أستاذ الوجود محيي الدين الكافيجيّ أربع عشرة سنة ؛ فأخذت عنه الفنون من
التفسير والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك ؛ وكتب لي إجازة عظيمة.
وحضرت عند الشيخ
سيف الدين الحنفيّ دروسا عديدة في الكشّاف والتوضيح وحاشيته عليه ، وتلخيص المفتاح
، والعضد.
وشرعت في التصنيف
في سنة ستّ وستّين ، وبلغت مؤلّفاتي إلى الآن ثلاثمائة كتاب سوى ما غسلته ورجعت
عنه.