ضرورة ، بخلاف المشددة تقول : إنك قائم ، بالتشديد ، ولا يجوز إنك قائم بالتخفيف.
وأما في دخول اللام وغير ذلك من الأحكام فهي كالمشددة سواء ، وإذا أهملت لزمت اللام في ثاني الجزأين بعدها فرقا بينها وبين إن النافية ؛ لالتباسها حينئذ بها نحو : إن زيد لقائم ، ومن ثم لا تلزم مع الإعمال ؛ لعدم الإلباس ، ولا تدخل في موضع لا يصلح للنفي كقوله :
٥٣٢ ـ أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك |
|
وإن مالك كانت كرام المعادن |
لأنه للمدح ، ولو كانت نافية كان هجوا ، ولا حيث كان بعدها نفي نحو : إن زيد لن يقوم ، أو لم يقم ، أو لما يقم ، أو ليس قائما ، أو ما يقوم ؛ لعدم الإلباس في الجميع ، واختلف في هذه اللام فذهب سيبويه والأخفش الأوسط والصغير ، وأكثر نحاة بغداد وابن الأخضر وابن عصفور إلى أنها لام الابتداء التي تدخل مع المشددة لزمت للفرق ، وذهب الفارسي وابن أبي العافية والشلوبين وابن أبي الربيع إلى أنها لام أخرى غير تلك التي اجتلبت للفرق ؛ لأن تلك منوية التأخير من تقديم ، وهذه بخلافها ؛ إذ تدخل في الجملة الفعلية ، بخلاف تلك ؛ ولأن هذه يعمل ما قبلها فيما بعدها ، بخلاف تلك لا يقال : إنك قتلت لمسلما ، ولأنها تدخل على غير المبتدأ والخبر ، ومعموله من الفاعل والمفعول بخلاف ذلك ، وأجاب الأولون بأن ذلك كله إنما جاز تبعا وتسمحا على خلاف الأصل ؛ لضرورة الفرق فإنها تبيح أكثر من ذلك ، وذهب بعضهم إلى التفصيل بين أن تدخل على الجملة الاسمية فتكون لام الابتداء ، أو الفعلية فتكون الفارقة.
قال أبو حيان : وثمرة الخلاف تظهر عند دخول علمت وأخواتها ، فإن كانت للفرق لم تعلق ، وإن كانت لام الابتداء علقت ، واختلف في الحديث المشهور : «وقد علمنا إن كنت لمؤمنا» (١) ، الأخفش الصغير والفارسي ، ثم ابن الأخضر وابن أبي العافية ، فقال الأخفش وابن الأخضر : لا يجوز في إن إلا الكسر بناء على أن اللام للابتداء ، فعلقت فعل
__________________
٥٣٢ ـ البيت من الطويل ، وهو للطرماح في ديوانه ص ٥١٢ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٧٦ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٣٦٧ ، وتخليص الشواهد ص ٣٧٨ ، وتذكرة النحاة ص ٤٣ ، والجنى الداني ص ١٣٤ ، وشرح الأشموني ١ / ١٤٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٩١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٧ ، وشرح قطر الندى ص ١٦٥ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٣١ ، وفي نسخة (ونحن) بدلا من (أنا ابن).
(١) أخرجه البخاري ، كتاب الوضوء ، باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل (١٨٤).