مقتطع من المضارع ؛ إذ أصل افعل لتفعل كأمر الغائب ، ولما كان أمر المخاطب أكثر على ألسنتهم استثقلوا مجيء اللام فيه فحذفوها مع حرف المضارعة طلبا للتخفيف مع كثرة الاستعمال ، وبنوا على ذلك أنه معرب ، والبصريون على أنه أصل برأسه وما ذكر في أصله فممنوع.
(ص) والحرف لا علامة له ، فإن اختص باسم أو فعل عمل وإلا فلا ، ويستثنى من الأول هل التي في حيزها فعل ، ومن الثاني ما ولا وإن النافيات.
(ش) الحرف لا علامة له وجودية ، بل علامته ألا يقبل شيئا من خواص الاسم ، ولا من خواص الفعل ، وهو ثلاثة أقسام : مختص بالاسم ، ومختص بالفعل ، ومشترك بينهما.
والأصل في كل حرف يختص أن يعمل فيما اختص به ، وفي كل حرف لا يختص ألا يعمل ، وقيد أبو حيان الأول بألا يتنزل منه منزلة الجزء ، فإن تنزل ك : أل وسين التنفيس لم يعمل ، ومما خرج عن هذا الأصل هل التي في حيزها فعل فإنها تختص به بمعنى أنه يجب إيلاؤه إياها كما سيأتي في باب الاشتغال ، حيث رجح النصب بعدها ومع ذلك لا تعمل ؛ لأن هذا الاختصاص عرضي لا يلزم وما ولا وإن النافيات فإنها لا تختص ومع ذلك تعمل ؛ لأن لها شبها ب : ليس في أنها للنفي وللحال ، وتدخل على المبتدأ والخبر فألحقت بها.
(ص) وليس منه عسى وليس وكان وأخواتها على الصحيح.
(ش) المشهور من مذهب الجمهور أن المذكورات أفعال ؛ لاتصال ضمائر الرفع والتاء الساكنة بها ، وذهب ابن السراج إلى حرفية عسى وليس مستندا إلى عدم تصرفهما ، ووافقه في الأولى ثعلب ، وفي الثانية الفارسي وابن شقير ، ورد بأن ذلك لا يصلح دليلا للحرفية مع قيام دليل الفعلية ، وذهب الزجاجي إلى أن كان وأخواتها حروف.
وقال ابن هشام في حواشي «التسهيل» : الخلاف في عسى وليس شهير ، وفي كان غريب ، قال ابن الحاج في «النقد» : حكى العبدي في شرح «الإيضاح» أن المبرد قال : إنّ كان حرف ، قال العبدي : وهذا أطرف من قول من قال : إن ليس وعسى حرفان ، قال ابن الحاج : هو وإن كان في بادئ الرأي ضعيفا إلا أنه أقوى لمن تأمل ؛ لأنها لا تدل على حدث ، بل دخلت لتفيد معنى المضي في خبر ما دخلت عليه.