الشيطان» (١) ، رواه بهذا اللفظ ابن ماجه وغيره ، فالجواب عنه كما سبق في الكلام على (لو).
الرابع ـ الإسناد إليه : وهو أنفع علاماته ؛ إذ به تعرف اسمية التاء من ضربت والإسناد تعليق خبر بمخبر عنه أو طلب بمطلوب منه ولشموله القسم الثاني دون الإخبار عبرت به دونه ، وسواء الإسناد المعنوي واللفظي كما حققه ابن هشام وغيره ، وغلط فيه ابن مالك في شرح «التسهيل» حيث جعل الثاني صالحا للفعل والحرف كقولك : ضرب فعل ماض ومن حرف جر ، ورد بأنهما هنا اسمان مجردان عن معناهما المعروف لإرادة لفظهما ، ولهذا يحكم على موضعهما بالرفع على الابتداء فضرب هنا مثلا اسم مسماه ضرب الدال على الحدث والزمان ، وقد صرح ابن مالك نفسه في الكافية باسمية ما أخبر عن لفظه حيث قال :
وإن نسبت لأداة حكما |
|
فابن أو اعرب واجعلنها اسما |
وفي شرح «أوسط الأخفش» لمبرمان : إذا قلت : هل حرف استفهام فإنما جئت باسم الحرف ولم تأت به على موضعه ، وهذا مع ما تقدم في الكلام على لو معنى قولي : «ومنه ما سمي به أو أريد لفظه» ، وعلى الثاني يتخرج قول العرب : زعموا مطية الكذب ، وحديث الصحيحين : «لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة» (٢) حيث أسند إلى الجملة الفعلية في الأول وللاسمية في الثاني ، فالمعنى في الأول هذا اللفظ مطية الكذب ، أي :يقدمه الرجل أمام كلامه ؛ ليتوصل به إلى غرضه من نسبة الكذب إلى القول المحكي كما يركب الرجل في مسيره إلى بلد مطية ليقضي عليها حاجته ، وفي الثاني هذا اللفظ كنز من كنوز الجنة ، أي : كالكنز في نفاسته وصيانته عن أعين الناس.
فإن قلت : فما تصنع بقوله : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، فإن الإسناد وقع فيه إلى تسمع وهو فعل ولم يرد لفظه ، فالجواب من وجهين :
أحدهما : أنه محمول على حذف أن ، أي : أن تسمع وهما في تأويل المصدر ، أي : سماعك ، فالإسناد في الحقيقة إليه ، وهو اسم كما هو في قوله تعالى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [البقرة : ٢٣٧] ، (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ١٨٤] ، ونظيره في حذف أن قوله :
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه في المقدمة ، باب في القدر (٧٩).
(٢) البخاري ، كتاب الدعوات ، باب الدعاء إذا علا عقبة (٦٣٨٤) ، ومسلم ، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، باب استحباب خفض الصوت بالذكر (٢٧٠٤).