هذه السوق هى المكان الوحيد على هذا الشاطئ الذى تقام عليه بصورة منتظمة ، كما يمكن أيضا الحصول على المؤن والتموينات بصورة مستمرة ، وبالتالى يمثل هذا السوق غوثا فى الوقت المناسب للسفن التى تحتجز نظرا لأن الرياح لا تكون مواتية. نظرا لندرة المؤن والمواد فى الحجاز ووفرتها ورخصها فى مصر ، فإن السفن عند ما تغادر موانئ الحجاز قاصدة القصير أو السويس لا تأخذ من احتياجاتها إلا ما هو ضرورى ، لكن الرحلة التى يحسبها البحارة بحوالى عشرين يوما غالبا ما تصل إلى شهر كامل ، بل قد تصل إلى شهرين فى بعض الأحيان.
يستطيع المشاهد أن يرى من قرية المويلح ، تلك النقطة من شبه جزيرة سيناء التى يطلقون عليها اسم راس أبو محمد ، رؤية واضحة تماما. السفن القادمة من ينبع إلى القصير غالبا ما تتجه صوب ذلك الأنف الجبلى ، أو صوب واحدة من الجزر الواقعة أمام هذا الأنف الجبلى ، ثم تنحرف جنوبا قاصدة القصير. البحارة يتخذون ذلك المسار لكى يفيدوا من الرياح الشمالية التى تهب على هذه المنطقة من البحر الأحمر طوال تسعة أشهر فى العام ، يزاد على ذلك أن البحارة يفضلون هذه الرحلة المتعبة المكلفة ، التى يتمتعون خلالها بنسيم البر ، على الخطر والإرهاق المترتب على الإبحار فى بحر مفتوح ، عكس اتجاه الريح ، أو الإبحار مباشرة من جدة أو ينبع إلى الساحل الإفريقى ، الذى لا يعرف موانئه الواقعة جنوب القصير سوى قلة قليلة من الربابين ، والذين يخشون من سكانه البدو.
عند ما تصل السفن إلى رأس محمد ، فإنها تلقى مراسيها بالقرب من واحدة من الجزر الصغيرة ، أو قد تدخل إلى الميناء المسمى شرم ، لتبقى فيه إلى أن تهب ريح مواتية ، التى عادة ما تحمل تلك السفن إلى القصير خلال يوم أو يومين. أما فيما يتعلق بنا ، فلم يحدث لنا ما يعكر صفونا طوال الرحلة ، وذلك على الرغم من أن الريح لم تكن مواتية تماما واضطرتنا ذات مرة إلى البقاء مدة ثلاثة أيام فى المكان الذى كنا نرسوا فيه ، كنت أتوقع تحطم السفينة ، عند ما كنت أرى القبطان وهو يبحر خلال المناطق الضحلة القريبة من الشاطئ ، هذه العملية اكتسب فيها هؤلاء القباطنة خبرات