الهاشمية (١) ، وتوفي أبو العباس رضي الله عنه قبل أن يستتم المدينة. فلما ولي أبو جعفر المنصور (٢) الخلافة ، وهو أيضا عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب بنى مدينة بين الكوفة ، والحيرة (٣) سماها الهاشمية ، وأقام بها مدة ، إلى أن
__________________
ـ عرّبتها ، فقالت : الأنبار ، والأنبار : أهراء الطعام ، واحدها نبر ، ويجمع على أنابير وهو جمع الجمع. (معجم البلدان ج ١ / ص ٣٠٥).
(١) الهاشميّة : مدينة بناها السفاح بالكوفة وذلك أنه لما ولي الخلافة نزل بقصر ابن هبيرة واستتم بناؤه وجعله مدينة وسمّاها الهاشمية وكان الناس ينسبونها إلى ابن هبيرة على العادة ، فقال : ما أرى ذكر ابن هبيرة يسقط عنها ، فرفضها وبنى حيالها مدينة سمّاها الهاشمية ونزلها ، ثم اختار نزول الأنبار فبنى مدينتها المعروفة فلما توفي دفن بها ، واستخلف المنصور فنزلها أيضا واستتمّ بناء كان بقي فيها وزاد على ما أراد ، ثم تحوّل عنها فبنى مدينة بغداد وسمّاها مدينة السّلام. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٤٤٧).
(٢) أبو جعفر المنصور : هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، أبو العباس ، أول خلفاء الدولة العباسية ، وأحد الجبارين الدهاة من ملوك العرب. يقال له «المرتضى» ، «والقائم». ولد سنة ١٠٤ ه / ٧٢٢ م ونشأ بالشراة بين الشام والمدينة. قام بدعوته أبو مسلم الخراساني مقوّض عرش الدولة الأموية ، فبويع له بالخلافة جهرا في الكوفة سنة ١٣٢ ه. صفا له الملك بعد مقتل مروان بن محمد آخر ملوك الأمويين في الشام ، وكافأ أبا مسلم بأن ولاه خراسان. وكان شديد العقوبة ، عظيم الانتقام ، تتبّع بقايا الأمويين بالقتل والصلب والإحراق حتى لم يبق منهم غير الأطفال والجالين إلى الأندلس. ولقّب بالسفّاح لكثرة ما سفح من دمائهم ، وكانت إقامته بالأنبار ، حيث بنى مدينة سمّاها «الهاشمية» وجعلها مقرّ خلافته ، وهو أول من أحدث الوزارة في الإسلام ، وكان الأمويون يتّخذون رجالا من الخاصّة يستشيرونهم في بعض شؤونهم ، وكان سخيا جدا ، وهو أول من وصل بمليوني درهم من خلفاء الإسلام ، وكان يلبس خاتمه باليمين وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يختتم في يمينه ، وكذلك الخلفاء الراشدون ، فلما ولي معاوية جعله في يساره ، واقتدى به من بعده من بني أمية ، فلما استولى السفاح أعاده إلى اليمين ، فظلّ إلى خلافة الرشيد ، فنقله إلى اليسار وتابعه من جاء بعده من الخلفاء. وكان يوصف بالفصاحة والعلم والأدب ، وله كلمات مأثورة. كانت في أيامه ثورات قمعتها القوة وفتوة الملك. ومرض بالجدري فتوفي شابا بالأنبار. للاستزادة يراجع : ابن الأثير (٥ : ١٥٢). الطبري (٩ : ١٥٤).
(٣) الحيرة : بالكسر ثم السكون وراء ، مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النجف ، زعموا أن بحر فارس كان يتّصل به ، وبالحيرة الخورنق بقرب منها مما يلي الشرق على نحو ميل ، والسدير في وسط البرية التي بينها وبين الشام ، كانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية من زمن نضر ، ثم من لخم النعمان وآبائه. وصفوها بالبياض فإنما أرادوا حسن العمارة ، وقيل : سميت الحيرة لأن تبعا الأكبر لما قصد خراسان خلّف ضعفة جنده بذلك الموضع وقال لهم : حيّروا به ، أي أقيموا به. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٣٧٦).