وسلمت بعد المفاهمة بالتي هي أحسن. بالجنة والجزاء ما دامت أمور الدنيا ناقصة في جزاء المحسن والمسيء. والأحكام فيها بمقتضى الظاهر لا تفي بالمسلوب حقه أو المهضوم جانبه. فلدى الخالق العالم المقتدر يعظم الجزاء للمحسن والمسيء الذي ربما فاز في الدنيا. واستحسنت لزوم ذلك حتى لا تضيع الحقوق. والقوم أصحاب حرص على حقوقهم ولا يرضون بالهضيمة دون الثار. وقد توقفت تلك السيدة في إدراك دوام الحياة الثانية بلا نهاية كما توقفت أنا في عدم إدراكها لذلك مع تسليمها للقدرة التي آثارها فوق العقل ، مع ما هي عليه من الذكاء والاعتدال في المحاورة ـ أما ابنتها فكان بحثها عن العوايد وكيف يتزوج المسلم بأربع وغالبا بامرأة لا يعرفها ثم يطلق بعد ذلك متى شاء ، وكيف تكون منازل المسلمين عمرة في الليل والنهار بالنسوة المسجونات بقدر ما خلت أدمغتهن من العلوم والآداب ، وهل ذلك من الدين؟ إلى غير ذلك من المسايل التي يحار فيها عقل الأروباوي متى تصور الشرقي سالكا لها ويعيش بها القرون الطويلة في هدو وراحة بال ولا يبغي بسواها بديلا. حتى قال كريستيان سنوك هرغرنج الهولاندي المستعرب : فالإسلام لا يمكن أن يرتقي ارتقاء حقيقيا إلّا إذا حرر نساءه الراسفات في سلاسل التقاليد القديمة التي لا تنطبق على روح العصر الحديثة التي هي روح الترقي الحقيقي. فأفهمتها محاسن بعض المسايل على خلاف ظواهر ما يظنون وجاريتها في طرو بعض العوايد على كثير من المسايل المهمة حتى سارت بها على غير المحجة المعقولة. وإن الرجوع إلى ما ينطبق على مصالح الدنيا والدين لا يكون إلّا بنشر العلم والتهذيب لكلا النوعين كل بما يلايمه وينطبق على ناموس الاجتماع به ، وما خلقه الله لأجله وأعده للقيام به. فتعدد الزوجات وإن أجازه الشرع لمصالح كثيرة لاكنه لا يوجبه على الرجال وقلما تجد رجلا يفكر في زوجة ثانية ما دامت الأولى تفي بالحاجات ، والمصالح المرغوبة في الحياة. ومتى فكر لسبب صحي أو طبيعي أو أدبي أو عمراني فإن رضيت الزوجة الأولى بالإقامة عاشرها بمعروف وتساوت مع الثانية وإن طلبت نفسها فلا يشح عليها بتسريح بإحسان. وإباحة الطلاق من محاسن الاجتماع وأصلح للزوجة نفسها متى تحتم عليها وجود السعادة بمفارقة الزوج مثلما يسعد الزوج غالبا بنعمة إباحة الفراق ، فيغني الله كلا من سعته. أما عدم رؤية المرأة قبل الزواج فهي مسألة من مهمات مسايل