ونظاير هذا كثيرة في سائر الممالك ومسائل الكون متشابهة والتاريخ يعيد نفسه.
وفرانسا اليوم بفضل اتحاد العناصر التي هي (١) العنصر البربري من شمال إفريقيا (٢) وعنصر القبائل المهاجرة من آسيا (٣) وعنصر السكان الأصليين. أصبحت كجسد واحد يتأثر الفرد منها للآخر في دفاع العدو وتحصيل المنافع. وكل مملكة أصبح سكانها على وفاق كانت في سعادة ، ومثل ذلك المدينة والعائلة والجسد. ومعلوم أن الجسد علامة صحته واعتدال طبائعه تألمه كله لتألم عضو من أعضائه ، وعلامة فساده وخروجه من المعتاد عدم إحساس ما يجري على بعض أعضائه كالنايم والمريض والمخدر والسكران والمفلوج. وفي آخر عائلة الميروفانجيان حارب شارل مارتيل العرب في بواتيي وأوقفهم عند حدهم وردهم على أعقابهم والواقعة تسمى بلاط الشهداء عام ١١٤ ه.
وأورث شارل مارتيل ابنه «ببان» القصير الملك المتسلسل وأسقط الملوك الكسالى ودولة ذريته من (٧٥١ ـ ٩٨٧) وهم عائلة الكارولانجيان. ومنها شارلمان ودود ابن الأغلب بالقيروان والرشيد ببغداد. وأواخر هاته العائلة هو عصر «الفيوداليتي» أي السادات الذين هم كملوك الطوائف : ثم سقطت هاته الدولة بهوك كابيت أول عائلة الكابيسيان التي مدتها من ٩٨٧ ـ ١٧٩١. ثم جاء دور الجمهورية التي حاربتها سلطة الفرد وأسقطتها مرتين ، والآن دورها الثالث من سنة ١٨٧١. وبيان هاته الأدوار وأسماء الولاة بفرانسا بالجدول الآتي. هذا ما يخص الأجناس والحكام أما حالة الأمة ففي العصور الوسطى صارت السلطة للسادات وهم أفراد من الأمة. ثم في دور الملوك اجتمعت كلمة الأمة وبالاتحاد صارت الطبقة المحكومة وهي أكثر سواد الأمة لها حرية شخصية وحقوق التملك. ومن بعد ثورة عام ١٧٨٩. ومن عهد الجمهورية الأولى ١٧٩٢ صارت لها حقوق المساواة مع بقية الطبقات. ومن بعد ١٨٤٨ ومن الجمهورية الثانية ضمن لها الرأي في السياسة وحق الانتخاب. ثم بالترقي في المعارف وانتشارها بلغوا إلى درجة الحرية الفكرية وتملصوا من قيود التقليد وانفلتوا من بين جدران الحجر.