الرسالة يعالجها القرآن الكريم في هذا السياق ، وهي التالية :
أولا : الأمنيات الباطلة بالتساوي في الجزاء مع المؤمنين.
هل يتساوى الصالح والطالح؟ كلّا .. إنّه مرفوض عند كل عاقل.
(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ)
والمسلم هو الذي سلّم نفسه لله بتطويعها وفق أوامره. والسؤال : لماذا قدّم المسلمين على المجرمين بينما يفترض العكس باعتبار السياق ينفي مزاعم المجرمين بأنّهم متساوون مع المتقين في الثواب؟ ولكنّ المتدبر حينما يمعن النظر يهتدي إلى لطائف بلاغية لترتيب الكلمات في الآية :
١ ـ أنّه تعالى في نهاية قصة أصحاب الجنة أكّد حقيقة العذاب وأنّه في الآخرة أكبر ، ممّا يرجّح كفّة الرهبة في النفس ، فجاءت الآيتان (٣٤) لتحقيق المعادلة عند المؤمنين بالتأكيد على أن لهم جنات النعيم ، وأنّهم لا يعذّبون كالمجرمين ، ويرفع الله رجاء المتقين إلى أقصاه حينما ينفي تساوي المجرمين مع المسلمين الذين هم أقل شأنا من المؤمنين فكيف بالمتقين الأرفع درجة حتى من المؤمنين؟ ومن جانب آخر يزيد من يأس المجرمين من الثواب حينما لا يفسح مجالا حتى لمجرد الاحتمال بأنّهم يمكن أن يتساووا مع المسلمين بتقديمهم في الآية (المجرمين كالمسلمين) وجعل مدارها حول الثواب بدل العقاب ، فإنّ الآية على حالها تجعل العذاب مسلّما به للمجرمين ويبقى التساؤل عن مصير المسلمين هل يتبعونهم فيه أم لا؟
٢ ـ إنّ الجزاء في واقعه ذات العمل الذي يقوم به كل إنسان خيرا أو شرا ، ولو أنّه سبحانه أعطى للمجرمين جنات النعيم كما يعطي المسلّمين له لكان الأمر من