تضلل الناس ، وتمكّن الطغاة منهم ، مستفيدة من الوسائل الدعائية المتقدمة والإمكانات الكبيرة لتسخير أسماع الناس واهتمامهم. وما أكثر الشعارات البرّاقة (التقدم .. الديمقراطية .. الرفاه .. العدل) التي يطلقها الحكام المنافقون لخداع الناس ، وبالخصوص في المناسبات السياسية والاجتماعية العامة ، ولكنك تطلع على الخواء والسراب عند ما تواجه الواقع!
(كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ)
والخشب هي الأغصان اليابسة التي لا ينتظر منها نماء وثمرا ، ولا ينفعها تعديل أحد ، بلى. إنّها تنفع لو تحوّلت سقفا أو بابا أو وقودا أو أيّ شيء يستفيد منه الإنسان في حياته ، ولأنّ القرآن شبّه المنافقين بالخشب قال عنها : «مسنّدة» لينفي أدنى دور إيجابي لهم في المجتمع الإسلامي.
٣ ـ الهزيمة النفسية أمام الانتقاد ، لأنّ المنافقين لا يستطيعون مواجهة الحقيقة الواقعية ، وموقف القيادة والمجتمع من شخصيتهم الاخرى ، كما أنّ دورهم الخبيث يعتمد كلّيّا على مظهرهم الخادع ، ولو أنّهم افتضحوا لفشلوا في الوصول إلى مآربهم ولنبذهم الناس. وقد أكّد العلم الجنائي وجود هذه الصفة في كلّ مجرم ، بل اعتبرها المحقّقون وعلماء النفس مرتكزا في معرفة المجرمين ، وأسسوا عليها منهجا في التحقيق الجنائي الحديث. ومضى القول : (كاد المريب أن يقول خذوني).
(يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ)
إنهم يعلمون حقيقة أنفسهم وأعمالهم السيئة ، لذلك تراهم يهبّون للدفاع عن أنفسهم أمام أدنى اتهام أو انتقاد بصورة ملفتة (كما يدافاع المجرم عن نفسه في المحكمة) بغضّ النظر إن كان الانتقاد ضدهم أو ضد غيرهم أو بصورة عامة. ومن طرائف ما جاء في قضاء أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أنّه جيء له بعدّة أشخاص