عليه شيء ، أمّا الحياة الدنيا فإنّها ليست حياة اللهو واللعب ، إنّما هي عرصة المسؤولية والالتزام أمام الله بما يأمر به وينهى عنه.
(ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
وحريّ بالإنسان الذي يواجه تحدّي الزمن والموت أن يتسلّح بالإيمان والعمل ، لأنّهما الطريق الوحيد لانتهاز فرصة العمر ، وإذا كان البشر عاجزا عن الفرار من الموت فهو لا ريب قادر على اختيار العاقبة الحسنى بالعمل الصالح ، الذي هو سفينة النجاة والميزان الأوحد عند الله ، لا الحسب والنسب أو الانتماء الظاهر.
[٩] وهكذا مهّد الله ـ بالآية السابقة ـ للحديث عن الجمعة واعتبارها عيدا للأمة ، ويؤكّد استقلالها في شعائرها بالإضافة إلى استقلالها في رسالتها عن الأمم الأخرى ، كالنصارى واليهود الذين لهم رسالتهم (التوراة والإنجيل) وعيدهم (السبت والأحد) (١) ، ويعطي القرآن في هذه السورة صلاة الجمعة ويومها الموقع والمفهوم الحقيقي في منهج الإسلام ، فالجمعة على الصعيد الخارجي رمز الاستقلال ، وعلى الصعيد الداخلي رمز الوحدة والائتلاف.
ومن هذه الحيثيّات وأخرى غيرها تأتي الدعوة الإلهيّة بالسعي لصلاة الجمعة وترك كلّ ما سواها لهوا أو بيعا أو ما أشبه من شؤون الدنيا ، وهكذا أصبح السعي إلى الجمعة لدى بعض المسلمين (مذاهب وعلماء) أمرا مفروضا بإجماع الأمة عند توافر شروطها ، وجاء في كتاب من لا يحضره الفقيه مروي : إنّه كان بالمدينة إذا أذّن المؤذّن يوم الجمعة نادى مناد حرم البيع ، لقول الله : «آية الجمعة» (٢). وقال
__________________
(١) وهناك إشارات لهده الفكرة في الأخبار : قال رسول الله (ص) : «كيف أنتم إذا تهيّأ أحدكم الجمعة عشيّة الخميس كما تهيّأ اليهود عشية الجمعة لسبتهم؟» تفسير البصائر / ج ٤٦ ص ٣٤٥
(٢) نقله نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٢٥