السّخاوي (١) ، وكان من جملة أماليه كتابنا هذا «البلدانيات». ذكر فيه البلاد والقرى التي دخلها ، وقد بلغت الثمانين ، خرّج «في كل بلد أو قرية عن واحد من أهلها أو القادمين إليها حديثا ، أو أثرا ، أو شعرا ، أو حكاية»(٢). «آتيا في غضون ذلك بفوائد ، راويا الكثير من عيون الزّوائد»(٣).
وها أنا أقدّمها لطلبة العلم راجيا من الله تعالى أن تقع منهم موقع الرضى ؛ وقد حقّقت أصلها ، واجتهدت في ضبط نصّها ، وعزوت الأقوال إلى قائليها ، وخرّجت الأحاديث بحسب الوسع.
وقد نبّهت في أثناء الكتاب على أشياء ركب فيها المصنّف خلاف الصّواب ؛ غير منتقص منه ، ولا طاعن فيه ؛ وإنّما استيضاحا للحقّ والصّواب ، واسترباحا للأجر والثّواب ، وإنّما الأعمال بالنيات.
__________________
(١) قال المصنّف ـ رحمهالله ـ : «وتوجّه له [أي : الإملاء] على وجهه جهابذة النقاد قديما وحديثا ، بحيث لم يخل عصر من الأعصار منه ، وكان من أواخرهم المزيّ ، ثم تلميذه العلائيّ ، ثم تلميذه العراقيّ ، وكذا ابن الملقّن ولم يرتض شيخنا صنيعه ، ثم الولي ابن العراقي ، وشيخنا ، وانقطع بعده على الوجه المعتبر قليلا ؛ إلى أن تصدّيت له بإشارة شيخنا الشّمّني ، فأمليت بمكة ، وبعدّة أماكن من القاهرة ، ما كتبه عنّي الأكابر من الفضلاء والأعيان ، وحضر عندي من الشّيوخ من كان يحضر إملاء شيخنا ورفيقه ، بل شيخهما ، وبلغ عدد ما أمليته أزيد من ستّ مئة مجلس ، لو لم يكن فيها إلا «تكملة الأذكار»الذي مات شيخنا وهو يملي فيه ، فلله الحمد. هذا مع رغبة النّاس عنه ، وعدم موقعه منهم ، وتمييز مراتبه لقلّة الاعتناء به ، ولذا قطعته مع المراجعة من كثيرين لي ، حتّى من أعيان المكيين هناك ، والأعمال بالنيات»ا ه.
وقوله هذا في كتابه «غنية اللّبيب في شرح التّقريب»شرح فيه كتاب «التقريب»للإمام النووي ـ رحمهالله ـ. وقد ألّفه بعد كتابه «فتح المغيث». وطريقته في شرحه تشبه طريقة شيخه في «نزهة النظر»من حيث سبك عبارة المتن مع الشرح. وقد شارفت على الانتهاء من تحقيقه ، يسّر الله إتمامه ، وجعله خالصا لوجهه الكريم.
(٢) «الجواهر والدرر»للمصنف ١ / ١٩٧. وانظر «الضوء اللامع»له أيضا ٨ / ١٥.
(٣) مقدمة المصنف ل «البلدانيات».