وحيث ذكر المصنوع ، ولم يكن في اللفظ دلالة على الشراب جمع فقال : (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ) (الواقعة : ١٨) ثم ذكر ما يتخذ منه فقال : (مِنْ فِضَّةٍ) (الإنسان : ١٥).
٤ ـ / ٢١ ومنها إفراد «الصديق» ، وجمع «الشافعين» ، في قوله تعالى : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (الشعراء : ١٠٠ ـ ١٠١) وحكمته كثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق ، قال الزمخشري : «ألا ترى أنّ الرّجل إذا امتحن بإرهاق ظالم ، نهضت جماعة وافرة من أهل بلده بشفاعته رحمة له ، وإن لم يسبق له (١) [بأكثرهم معرفة! وأما الصديق ف «أعزّ من بيض الأنوق» (٢). وعن بعض الحكماء أنّه سئل عن الصديق ، فقال : اسم لا معنى له. ويجوز أن] (١) يريد بالصديق الجمع» (٣).
وقال السّهيلي في «الرّوض الأنف» (٤) : «إذا قلت : «عبيد» و «نخيل» ، فهو اسم يتناول الصغير والكبير من ذلك الجنس ؛ قال الله تعالى : (وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ) (الرعد : ٤) وقال : (وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) (فصلت : ٤٦) وحين ذكر المخاطبين منهم قال (الْعِبادِ) (يس : ٣٠) وكذلك قال حين ذكر التمر من النخيل : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) (ق : ١٠) و (أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (القمر : ٢٠) فتأمّل الفرق بين الجمعين في حكم البلاغة ، واختيار الكلام! وأما في مذهب [أهل] (٥) اللغة ، فلم يفرقوا هذا التفريق ، ولا نبّهوا على هذا المعنى الدقيق».
ومنها اختلاف الجمعين في قوله تعالى : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) (البقرة : ٢٦٦) إلى قوله : (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ) (البقرة : ٢٦٦). وقال : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً) (النساء : ٩) فأما وجه التفرقة بين الجمع في الموضعين ، وكذلك قوله : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَ) (النور : ٣١) إلى قوله : (أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) «أعزّ من بيض الأنوق» مثل ذكره الميداني في مجمع الأمثال ٢ / ٤٤ وقال في شرحه : «قالوا : الأنوق الرّخمة ، وعزّ بيضها لأنّه لا يظفر به لأن أوكارها في رءوس الجبال والأماكن الصعبة البعيدة ، قال الأخطل :
من الجاريات الحور مطلب سرّها |
|
كبيض الأنوق المستكنّة في الوكر |
(٣) انظر الكشاف ٣ / ١١٩ ـ ١٢٠ عند تفسير الآية من سورة الشعراء.
(٤) انظر الروض الأنف ١ / ١٧١ ضمن ذكر حفر زمزم وما جرى من الخلف فيها ، معنى الرويّ والجمع واسم الجمع.
(٥) ليست في المطبوعة.