فَلْيَصُمْهُ) (البقرة : ١٨٥) ؛ أي في المصر. وعند أبي عليّ أن الشهر ظرف ، والتقدير فمن شهد منكم [المصر] (١) في الشهر.
ومنها تقدم مثله في اللفظ ؛ كقوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) (الرعد : ٣٩) ، أي ويثبت ما يشاء.
فلما كان المفعول الثاني بلفظ الأول في عمومه واحتياجه إلى الصلة (٢) جاز حذفه ، لدلالة ما ذكر عليه ، كقوله : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ) (المؤمنون : ٩٦).
وقوله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) (إبراهيم : ٤٨) أي غير السموات.
وقوله : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) (الحديد : ١٠) ، أي ومن (٣) أنفق من بعده وقاتل ؛ بدليل ما بعده.
وقوله : (وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) (الصافات : ١٧٩) أي أبصرهم ، بدليل قوله : (وَأَبْصِرْهُمْ) (الصافات : ١٧٥). وسبق عن ابن ظفر (٤) السرّ في ذكر المفعول في الأول وحذفه في الثاني في هذه الآية الشريفة أن الأولى اقتضت نزول العذاب بهم يوم بدر ، فلما تضمنت التشفّي قيل : (أَبْصِرْهُمْ). وأما الثاني فالمراد بها يوم الفتح ؛ واقترن بها مع الظهور عليهم تأمينهم والدعاء إلى إيمانهم ؛ فلم يكن وقتا للتشفّي بل للبروز ؛ فقيل له : (أَبْصِرْ) ، والمعنى : فسيبصرون منّك عليهم.
وقوله : (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ) (الأعراف : ٤٤) ، أي وعدكم ربكم ؛ فحذف لدلالة قوله قبله : (ما وَعَدَنا رَبُّنا) (الأعراف : ٤٤) ، قاله الزمخشري (٥).
وقد يقال : أطلق ذلك ليتناول كلّ ما وعد الله من الحساب والبعث والثواب والعقاب وسائر أحوال القيامة ؛ لأنهم كانوا يكذّبون [بذلك] (٦) أجمع ، ولأن الموعود كلّه مما ساءهم ؛
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة وبياض في موضعها.
(٢) عبارة المخطوطة (واحتياطه للعلة).
(٣) في المخطوطة (من).
(٤) هو أبو عبد الله بن ظفر بن محمد الصقلي تقدم في ٢ / ١٦٧.
(٥) في الكشاف ٢ / ٦٤.
(٦) ساقطة من المخطوطة.