والله تعالى ليس شيء فوقه ؛ فأقسم تارة بنفسه ، وتارة بمصنوعاته ، لأنها تدلّ على بارئ وصانع ؛ واستحسنه ابن خالويه (١).
وقسمه بالنبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (لَعَمْرُكَ) (الحجر : ٧٢) ليعرّف الناس عظمته عند الله ، ومكانته لديه ، قال الأستاذ أبو القاسم القشيري في «كنز اليواقيت» (٢) : «والقسم بالشيء لا يخرج عن وجهين : إما لفضيلة أو لمنفعة ؛ فالفضيلة كقوله تعالى : (وَطُورِ سِينِينَ* وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (التين : ٢ ـ ٣) ، والمنفعة نحو : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)» (التين : ١).
وأقسم سبحانه بثلاثة أشياء :
أحدها : بذاته ، كقوله تعالى : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (الذاريات : ٢٣) (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (الحجر : ٩٢).
والثاني : بفعله ، نحو : (وَالسَّماءِ وَما بَناها* وَالْأَرْضِ وَما طَحاها* وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) (الشمس : ٥ ـ ٦ ـ ٧).
والثالث : مفعوله ، نحو : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (النجم : ١) ، (وَالطُّورِ* وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) (الطور : ١ ـ ٢).
وهو ينقسم باعتبار آخر إلى مظهر ومضمر :
فالمظهر كقوله تعالى : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (الذاريات : ٢٣) ونحوه.
٣ / ٤٣ والمضمر على قسمين : قسم دلّت عليه لام القسم ، كقوله : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) (آل عمران : ١٨٦) وقسم دلّ عليه المعنى ، كقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها) (مريم : ٧١) تقديره «والله».
وقد أقسم تعالى بطوائف [من] (٣) الملائكة في أول سورة الصافات ، والمرسلات ، والنازعات.
__________________
(١) هو الحسين بن أحمد بن حمدان بن خالويه تقدم في ٢ / ٣٦٩.
(٢) أبو القاسم القشيري تقدمت ترجمته في ١ / ٣٦٠ وأما كتابه «كنز اليواقيت» فقد ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون» ٢ / ١٥٢٠.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.