فعلا.
كلا .. انما كانت الأوثان رمزا لتجمعهم ، وتعبيرا عن نوع العلاقة التي ارتضوها لأنفسهم ، ولذلك كانت الأصنام تكبر وتصغر حسب حجم القبيلة ، فهناك صنم قريش (هبل) يعتبر أكبر الأصنام في الجزيرة ، لان تلك القبيلة كانت تزعم انها كبري قبائل العرب ، وأصغر منها حجما كان صنم ثقيف (مناة) لان تلك القبيلة كانت أقل مستوى من قريش ، وكلما صغرت القبيلة تضاءلت اهمية أوثانها ، حتى بلغ بتجمع صغير حقير ان صنع لنفسه صنما من التمر ، فاذا أصابتهم مخمصة وقعوا على إلههم المزعوم والتهموه عن آخره.
بعد بيان هاتين الفكرتين نجيب عن السؤال السابق :
باستثناء التجمعات التوحيدية انحدرت البشرية الى درك الوثنية بطريقة أو بأخرى ، إذ انها ارتبطت ببعضها عبر المصالح والعصبيات والخرافات البعيدة عن العلاقة التوحيدية. ما الذي جمع طبقة المترفين الى بعضهم؟ أو ليس الحرص على تكديس الثروة؟! إذا المحور هنا حبّ المال ، والعلاقة بالإنسان تمر عبر قناة جمع الثروة ، ولا يحترم الإنسان كإنسان بل بصفته صاحب ثروة ، إذ ان الاحترام هو للثروة ذاتا ولم يملكها بالتبع أ ليس كذلك؟! إذا الثروة معبودة ، وهي محور العلاقة ، ولا بد ان يختار وإلها رمزا يحترمونه ويكرمونه ويقدسونه ، وبالتالي يعبدونه. ذلك الرمز قد يكون صنما من ذهب أو فضة أو أحجار كريمة ـ كما كان يصنعه الإنسان البدائي ـ ولكن قد يكون رمزا متطورا يسمونه ب (العلم) كما تصنعه امريكا ، أو بتمثال الحرية ، وبرج ايفل ، أو تمثال النيل أو التمساح.
وقد يختار تجمع المترفين شخصا يسمونه بالملك ويصبغون عليه قدرا من القداسة المزعومة ، والجلالة المزيفة ، فيجعلونه رمزا لتجمعهم.