الناس معه بالنخيلة أيّاماً ثمّ أخذوا يتسلّلون ويدخلون الكوفة وتركوا المعسكر خالياً ، فلا مَن دخل الكوفة رجع ولا مَن أقام معه صبر ، فلمّا رأى ذلك نزل وما معه من الناس إلاّ رجال من وجوههم وجعل يستنفر الناس على جهاد أهل الشام حتّى بطلت الحرب في تلك السنة ، ثمّ عسكر بها الحسن (عليه السلام) في توجّهه إلى حرب معاوية بعد وفاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال : إنّ معسكري بالنخيلة فوافوني هناك ، والله إنّكم لا تفون لي بعهد (١). وروي (٢) : أنّه أخذ طريق النخيلة فعسكر بها عشرة أيّام فلم يحضروه إلاّ أربعة آلاف ، فانصرف إلى الكوفة يستنفر الناس للجهاد ، وقد تكرّر منه ومن أبيه (عليهما السلام) النزول بالنخيلة واللبث فيها لتهيئة الخروج إلى حرب الشام وجمع العساكر لحرب معاوية.
وفي «القاموس (٣)» والنخيلة كجهينة موضع بالعراق مقتل عليّ (عليه السلام) مع الخوارج ومقتضى ذلك وقوع القتال له فيها مع الخوارج ، وهو غير معروف ، والّذي يظهر من الأخبارِ والسيَر أنّه لم يقع فيها له (عليه السلام) حرب معهم وأنّه إنّما تخلّف عنه بعضهم فيها بعد الرجوع من حرب صفين وأنّ حرب الخوارج إنّما كانت بالنهروان ، والقصّة معروفة ، لكن في «الخصال (٤)» في باب السبعة في حديثه (عليه السلام) مع رأس اليهود ما ينصّ على قتاله (عليه السلام) مع الخوارج في ثلاثة مواطن : النخيلة وحروراً والنهروان ، وهو غريب.
والمعروف بالنخيلة الآن قرية في جزيرة بابل على شاطئ الفرات فوق الحلّة السيفية إلى المشرق بنحو من فرسخ مقابلة للكوفة من ناحية الشمال وبينها وبين المسجد نحو من سبعة فراسخ وليست على طريق اليسار من الكوفة إلى الشام ولا يناسبها أخبار النخيلة الآتية ، وكأنّها قد تجدّدت بعد الكوفة وسمّيت بالنخيلة لانتقال أهلها إليها أو لغير ذلك من الأسباب.
__________________
(١ و ٢) بحار الأنوار : باب كيفية مصالحة الإمام الحسن (عليه السلام) معاوية ج ٤٤ ص ٤٤.
(٣) القاموس المحيط : ج ٤ ص ٥٥ مادّة «نَخَلَة».
(٤) الخصال : باب السبعة ص ٣٨١ ـ ٣٨٢.