مثلا تصورت المسند الذى هو كون الدبس حاصلا فى الخابية ، وفيه النكتتان السابقتان فهنا أيضا تصور سابق هو الموقوف عليه التصديق ، وهو كون المحصول فيه أحد هذين ، وتصور خاص متأخر هو المسؤل عنه ، وهو كونه نفس الخابية بخصوصها أو الزق بخصوصه ثم الطرفان متصوران لذاتهما أيضا ، وإن سأل عنهما من حيث الحصول فيهما بالخصوص ففى هذا التصور تصديق كما فى المسند إليه ؛ لأن التصديق المعلوم مطلق الحصول فى أحدهما ، ثم سأل عن حصول خاص يتبين بذكر المحصول فيه الخاص ، ولكن قبح الأمثلة وعدمه مع هل ، إنما بنوا عللها على ما يتبادر من إفادة التصور فيما ذكر على ما يأتى ، تأمل! لا يقال كون أزيد قائم للتصديق وأفى الخابية دبسك أم فى الزق للتصور تحكم ؛ لأن فى الأول ترددا بين قيام زيد وعدمه ، وفى الثانى التردد بين كون الدبس فى الخابية ، وكونه فى الزق ؛ لأنا نقول متعلق الشك فى الأول حصول النسبة وعدمها ، وفى الثانى نفس الموصوف بها وهو المحكوم به مع مقابله بدليل الإتيان بأم ، فناسب كون الأول للتصديق الذى هو العلم بالنسبة دون الثانى ولو لزم من الشك فى أحدهما شك فى الآخر ، وحاصله أن السؤال عن التصديق هو ما يكون عن نسبة المحمول أو سلبها والسؤال عن التصور هو ما يكون عن نفس المحمول أو مقابله فافهم.
(ولهذا) أى ولمجيء الهمزة لطلب التصور دون هل ، فإنها للتصديق فقط كما يأتى (لم يقبح) ورودها فى التركيب الذى يكون الاستفهام فيه لطلب التصور كطلب تصور الفاعل فى قولك (أزيد قام؟) بخلاف ورود هل فى هذا التركيب الذى هو لطلب التصور غالبا فلا يقال هل زيد قام؟ إلا على قبح ، (و) كطلب تصور المفعول فى قولك (أعمرا عرفت) بخلاف ورود هل فيه فيقبح فلا يقال هل عمرا عرفت؟ إلا على قبح أيضا ، ووجه كون التركيب لطلب التصور أن التقديم فيهما يفيد الاختصاص فيكون مفاد الأول السؤال عن خصوص الفاعل بمعنى : أنه يسأل عن المختص بالقيام بالفعل بعد العلم بوقوع القيام من زيد أو غيره فيكون أصل التصديق بوقوع القيام معلوما عنده ، فلزم كون السؤال عن تعيين الفاعل ، ويكون مفاد الثانى السؤال عن خصوص المفعول أى الذى اختص بالمعرفة دون غيره بمعنى أنه يسأل عن الذى يصدق عليه أنه