لقصر الأفراد وهو ما لا يتنافينان فيه ؛ لأن التميمية يصح أن يكون المنفى
بإثباتها القيسية التى تنافيها وهى الحقيقة فيكون لقصر القلب باعتقاد المخاطب تلك
القيسية ، ويصح أن يكون المنفى القيسية المجامعة لها وهى القيسية الحلفية مثلا ،
فيكون لقصر الأفراد حيث يعتقد الاتصاف بهما معا ، وعلى هذا لا يرد أن يقال : إن
كانت القيسية منافية كان لقصر القلب ، وإن لم تكن منافية كان لقصر الأفراد ،
فالأنسب الإتيان بمثالين لأنا نقول : يصلح لهما معا كما تقدم أن مثالا واحدا يكفى
حيث يمكن تقدير الوصف منافيا وغير مناف ، وما تقدم من أنه حيث تعين المنفى كما فى
العطف فلا بد من مثالين إنما ذلك حيث لم يكن للوصف جهتان ينافى بإحداهما دون
الأخرى كما فى هذا المثال فليفهم.
(و) كقولك (فى
قصرها) أى قصر الصفة : (أنا كفيت مهمك) فتقديم أنا عن الفاعلية المعنوية أوجب حصر
كفاية المهم فى التكلم بحيث لا تتعداه إلى غيره فإن اعتقد المخاطب كفاية المتكلم
مع غيره كان أفرادا ، وإن اعتقد كفاية الغير فقط دون المتكلم كان قلبا ، ولهذا لم
يأت إلا بمثال واحد لقصرها كما تقدم أن المثال الواحد يكفى فى قصرها.
وأما قصر
التعيين فيصح فى مثالى قصره وقصرها كما تقدم ولكن إنما يكون تقديم لفظ أنا فى هذا
المثال من باب ما قدم فيه ما حقه التأخير على مذهب السكاكى كما تقدم فى أحوال
المسند إليه.
وأما على مذهب
المصنف فهو من باب التقديم فى الجملة وعليه يكون تقييد التقديم فى إفادة الاختصاص
بأن يكون من تقديم ما حقه التأخير أغلبيا لا كليا.
(وهذه الطرق)
الأربعة المفيدة للقصر بعد تحقق اشتراكها فى مطلق إفادتها القصر (تختلف من وجوه)
أحد تلك الوجوه ما تضمنه قوله (فدلالة) هذا (الرابع) وهو التقديم على الحصر (بالفحوى)
أى : بمفهوم الكلام ، والفحوى عند الأصوليين : مفهوم الموافقة ، والمفهوم هنا هو
أن غير المذكور بخلاف حكم المذكور ، فكأنه أطلق الفحوى على مفهوم المخالفة.