اللام فتجرى عليه أحكام المعارف ، فيقع مبتدأ ، وصاحب حال ، ووصفا للمعرفة ، وموصوفا بها ، ونحو ذلك كعطفه بيانا من المعرفة ، والعكس ، وككونه اسم كان ، ومعمولا أولا لظن وشبه ذلك ، ولهذا قال كالنكرة لا نكرة حقيقة ومن معاملته معاملة النكرة وصفه بالجملة التى هى فى معنى المنكر كقوله :
ولقد أمر على اللئيم يسبنى |
فمضيت ثمت قلت لا يعنينى (١) |
فيسبنى : نعت للئيم ، والمراد به فرد باعتبار عهدية حقيقته المقدرة فيه ، ولم يجعل يسبنى حالا ؛ لأن الغرض أن اللئيم دأبه السب ، ومع ذلك تحمله القائل ، وأعرض عنه لا تقييد السب بوقت المرور فقط الذى هو مقتضى كونها حالية إذ هى مشعرة بالتحول فى أصلها كذا قيل ، ولكن المناسب لقوله : «فمضيت ثمت قلت لا يعنينى» كونها حالية وإنما قلنا المناسب إلخ ؛ لأن التحمل بتأنيس النفس بعدم العناية قد لا يناسبه قصد إظهار دوام السب ؛ ولأن قوله لا يعنينى إنما يتبادر منه أنه قال فى حال سماع السب حال المرور لا أنه قال فيمن دأبه السب ، ولو فى غير حال المرور تأمله.
(وقد يفيد) أى : المعرف باللام المشار بها إلى الحقيقة (الاستغراق) لجميع الأفراد وذلك بأن يشار إلى الحقيقة في ضمن كل فرد وفي أى محل وجدت فيه (نحو) قوله تعالى ((إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)) (٢) فقد أشير فيه إلى الإنسانية في ضمن كل فرد من أفرادها ولم يشر إليها من حيث هى هى ، كما في قولنا : الإنسان خير من البهيمة ولا إليها في ضمن فرد ما ، كما في ادخل السوق ولا إليها في ضمن فرد معين كما في أغلق الباب ؛ بل في ضمن الجميع بدليل الاستثناء الذي هو معيار العموم ؛ لأن شرط دخول المستثنى في المستثنى منه لو لم يذكر وإنما شرط ما ذكر ؛ لأن الحاجة إلى الاستثناء لا تتحقق إلا بتحقق الدخول ، ولا يتحقق هذا الشرط إلا بالعموم ، وإرادة الجميع ؛ لأنه إن أريد البعض مبهما لم يتحقق دخول المستثنى في المستثنى منه فلا تتحقق الحاجة إلى الاستثناء ، وإن أريد بعض معين لم يحتج إلى الاستثناء ؛ لأن غيره لا يدخل واستثناؤه
__________________
(١) البيت لعميرة بن جابر الحنفى ، شرح شواهد الإيضاح ص ٢٢١ وخزانة الأدب ١ / ٣٥٧ ، ٣٥٨.
(٢) العصر : ٢.