الدين» ، ذكره الزمخشريّ (١) ؛ وهو ممنوع لأنه كان يمكن أن يعود على المصدر المفهوم من (تَدايَنْتُمْ) لأنه [١٤٠ / أ] يدلّ على الدّين.
(الثاني) : أن (تَدايَنْتُمْ) مفاعلة (٢) من «الدّين» ومن «الدّين» ، فاحتيج إلى قوله : (بِدَيْنٍ) ليبيّن أنه من «الدّين» لا من «الدّين». وهذا أيضا فيه نظر ؛ لأن السياق يرشد إلى إرادة الدّين.
(الثالث) : أن قوله : (بِدَيْنٍ) إشارة إلى امتناع بيع الدّين بالدّين ، كما فسر قوله صلىاللهعليهوسلم ، وهو بيع الكالئ بالكالئ (٣) ، ذكره الإمام فخر الدين (٤). وبيانه أن قوله [تعالى] (٥) : (تَدايَنْتُمْ) مفاعلة من الطرفين ، وهو يقتضي وجود الدّين من الجهتين ، فلما قال (بِدَيْنٍ) علم أنّه دين واحد من الجهتين.
(الرابع) : أنه أتي به ليفيد أن الإشهاد مطلوب ، سواء كان الدّين صغيرا أو كبيرا ؛ كما سبق نظيره في قوله تعالى : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) (النساء : ١٧٦) ويدلّ على هذا هاهنا قوله بعد ذلك : (وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ) (البقرة : ٢٨٢).
(الخامس) : أن (تَدايَنْتُمْ) مشترك بين الاقتراض والمبايعة والمجازاة ، وذكر (٦) «الدّين» لتمييز (٧) المراد ، قال الحماسي (٨) :
__________________
(١) في الكشاف ١ / ١٦٧.
(٢) في المخطوطة (تفاعلتم).
(٣) وفيه حديث ابن عمر : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ» أخرجه الدار قطني في السنن ٣ / ٧١ في كتاب البيوع ، الحديث (٢٦٩ ـ ٢٧٠) وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٥٧ ، كتاب البيوع ، النهي عن بيع الكالئ بالكالئ وأخرجه البيهقي في السنن ٥ / ٢٩٠ ، كتاب البيوع ، باب ما جاء في النهي عن بيع الدين بالدين. وفسّر ابن الأثير معنى الكالئ بالكالئ فقال : أي النسيئة بالنسيئة ، وذلك أن يشتري الرجل شيئا إلى أجل ، فإذا حلّ الأجل لم يجد ما يقضي به ، فيقول : بعنيه إلى أجل آخر بزيادة شيء فيبيعه منه ، ولا يجري بينهما تقابض (النهاية ٤ / ١٩٤).
(٤) انظر تفسير الرازي ٧ / ١٠٨ ـ ١٠٩.
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (فذكر).
(٧) في المخطوطة (لضمير).
(٨) البيت للفند الزّمّاني ، قاله في حرب البسوس في قصيدة مطلعها : صفحنا عن بني ذهل (ديوان الحماسة بشرح الخطيب التبريزي ١ / ٦).