قال : إن سديف بن ميمون ـ مولى أبي لهب ـ جاء إلى ابن الرّهين ـ واسمه : النضر ، وإنما سمي ابن الرّهين لأن قريشا رهنت جدّه النضر (١) ـ فقال له سديف : السلام عليك يا ابن رهينة قريش. قال : من أنت؟ قال : أنا رجل من قومك. قال : وأي قومي أنت؟ قال / : سديف بن ميمون. قال : ليس من قومي ميمون.
١٨٨٨ ـ حدّثني عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا يوسف بن محمد ، عن عبد المجيد بن أبي روّاد ، قال : ما سمعت أبي مزح قطّ إلا مرتين ، فإنه قال ونحن معه في البيت : يا بنيّ ، هل رأيتم جملا على وتد؟ قلنا : لا. قال : أما
__________________
١٨٨٨ ـ تقدّم هذا الخبر برقم (١٥٩٥).
ويوسف بن محمد ، هو ابراهيم العطّار ، مفتي مكة. ترجمته في العقد الثمين ٧ / ٤٩٠.
(١) النضر ، هو : ابن الحارث بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار العبدري. وقد تابع الفاكهي على أن الرهين هو : النضر ، ابن حبيب في المنمّق ص : ٢١٠ ، وابن سعد في الطبقات ٥ / ٤٧٨ ، وأبو الفرج الأصبهاني في الأغاني ٢٢ / ٧٢. لكن ابن عبد ربّه في العقد الفريد ٣ / ٢٣٩ جعل الرهين : أباه ، الحارث بن كلدة. وتابعه على ذلك ابن الأثير في أسد الغابة ٥ / ٣٢٣ ، والزبيدي في تاج العروس ٩ / ٢٣٢. أما ابن حجر فجعل الرهين أخاه النضير ـ بالتصغير ـ ابن الحارث. الاصابة ٣ / ٥٢٨.
وبهذا يتحصل لنا ثلاثة أقوال في الرهين. ولعلّ أقربها وأولاها بالقبول هو ما قاله الفاكهي ومن تابعه. ذلك أنه من أهل مكة ، ومن أهل الاختصاص في تاريخهم ، وكذلك ابن حبيب ، حيث خصص كتابة المنمّق في أخبار قريش وحدها. ثم أن النضر بن الحارث ليس وحده الذي رهنته قريش ، بل رهن حرب بن أمية ابنه أبا سفيان ، ورهن سفيان بن عوف ابنه الحارث أيضا ، وهذان من أقران النضر بن الحارث.
أما سبب رهن قريش لهؤلاء ، ففيه قصة طويلة خلاصتها أن قريشا ومن حالفها تقاتلت مع قيس ومن حالفها في شهر الله الحرام ، وذلك في الفجار الرابع. وبعد أن قتل كثير من الطرفين ، تصالحوا على أن يعطي الطرف الذين زاد قتلاهم عن الطرف الآخر ديات الزائدين ، ففضل قتلى لقيس عشرون قتيلا ، فأخذت قريش على نفسها العهد أن تودي هؤلاء العشرين ، فرهنت من ذكرنا حتى تؤدي قريش ما عليها. وأنظر المنمّق والأغاني.