الذي نتخذه من دون الله إلها ، تسمع له ، وتطيع أمره ، وتزعم انه عزّ لك ، إنه يكفر بعبادتك ولا يوفّر الحماية لك ، بل إنه سيكون ضدك لأنه يعيش لنفسه فحسب ، وإذا خالفت مصالحه مصالحك فانه سوف يضربك عرض الحائط ، وكل تاريخ الطغاة شاهد حق على هذه الحقيقة ، ولعلك تقول : إني لا أعبده ، بل أطيعه. كلا.
إنك تعبده حين تسمع له ، وتطيع أمره ، وما جوهر العبادة إلّا الطاعة. جاء في حديث شريف في تفسير هذه الآية.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله : «وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا» يوم القيامة أي يكون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا يوم القيامة ، ويتبرءون منهم ومن عبادتهم الى يوم القيامة ثم قال : ليس العبادة هي السجود ولا الركوع ، وإنما هي طاعة الرجال ، من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده ، وقوله عز وجل : «أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا» قال : لما طغوا فيها ، وفي فتنتها ، وفي طاعتهم ، ومدّ لهم في طغيانهم وضلالتهم ، أرسل عليهم شياطين الانس والجن (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) أي تنخسهم نخسا ، وتحضهم على طاعتهم وعبادتهم ، فقال الله عز وجل : (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) أي في طغيانهم وفتنتهم وكفرهم (١)
جزاء الكافرين :
[٨٣] (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)
إن الشياطين يدفعون الكافرين دفعا الى العذاب ، الى حيث النقمة والشقاء. هكذا يفعل الشياطين بالكافرين ، ولكن الله ليس بظلام للعبيد ، فهو لا يبعث
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ج ٣ ص ٣٥٧.