الربوبية (١) إذا شاهدوا ما أراد الله تعالى ذكره أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه ، ليستدلوا بذلك على إنّ الثواب من الله تعالى على ضربين : استحقاق واختصاص ولئلا يحقّروا ضعيفا لضعفه ، ولا فقيرا لفقره ، ولا مريضا لمرضه ، وليعلموا أنّه يسقم من يشاء ويشفي من يشاء ، متى شاء كيف شاء بأيّ شيء شاء ، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء ، وشقاوة لمن يشاء ، وهو عز وجل في جميع ذلك عدل في قضائه ، وحكيم في أفعاله ، لا يفعل بعباده إلّا الأصلح لهم ولا قوة إلّا بالله.
» (٢) هكذا يؤكد هذا الحديث : إن حكمة ابتلاء أيوب (أو لا أقل العبرة التي نستوحيها منه) عدم جعل البلاء في الدنيا دليلا على غضب الله ، بل قد يكون دليلا على قرب صاحبه من الله.
٢ ـ أما الحديث الثاني المروي عن أبي بصير عن الامام الصادق (ع) فانه يفصّل القول في بلاء أيوب كيف كان ، ومتى طفح كيل الصبر عنده :
إنّما كانت بلية أيوب التي ابتلي بها في الدنيا ، لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها ، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش ، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة ، حسده إبليس ، فقال : يا رب إن أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة إلّا بما أعطيته من الدنيا فلو حلت بينه وبين دنياه ، ما أدى إليك شكر نعمة ، فقال : قد سلطتك على دنياه ، فلم يدع له دنيا ولا ولدا إلّا أهلك كلّ شيء له ، وهو يحمد الله عز وجل ، ثمّ رجع إليه فقال : يا رب إن أيوب يعلم إنّك
__________________
(١) كذا في النص وأظنه خطأ والمعنى لكي لا ينسبوا أيوب الى الربوبية ، هذه الفكرة مذكورة في نصوص أخرى أيضا.
(٢) المصدر / ص ٤٤٧.