الماء أنزله الله ، فبدل ان نعتمد نحن على الماء ، ونبني حضارتنا وقيمنا الفكرية عليه كما فعل الفراعنة ، ينبغي أن نعتمد على رب الماء والمهيمن عليه وعلى كل شيء ونبني حضارة الهية سامية.
(فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ)
اي اختلط نبات الأرض بعضه مع بعض بواسطة الماء ، والماء هو الذي جعل هذه النباتات التي كانت بذورا تحت التراب تنمو وتختلط بقدرة الله ، والإنسان يرى وكأن النباتات قائمة بذاتها ، ولا يعلم بأن قسما كبيرا منها يشكله الماء ، الذي جاء من السماء ، وسوف يغور في الأرض أو يعود الى السماء ثانية عن طريق التبخر. وهنا لون آخر من ألوان الغرور وهو : اعتقاد الإنسان بان هذه الاعشاب نباتات ، بينما هي في الواقع مياه قد تشكلت بهذا الشكل ، وإذا ذهبت تلك المياه فان تلك الاعشاب تتحول الى هشيم تذروه الرياح ، لا تقف على سوقها ، ولا تثبت في مكانها.
(فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ)
بعد ان كانت النباتات تبدو ثابتة مستقرة ومختلطة ، بعضها يدعم بعضا ، تحولت الى هشيم متفتت تنقله الرياح من مكان الى مكان.
(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً)
وقدرة الله هي التي تحرك هذه الدورة التي تشبه سائر دورات الحياة ، وعند ما تنظر بمقياس تاريخي الى بعض الدورات التاريخية ، فانك ترى حضارة جاءت ونشأت وجرت عليها الأجيال ، ثم اضمحلت وبادت وانتهت ، والشيء الوحيد الذي بقي لنا منها هو سنة الله ودلائل قدرته ، وكلمة «كان» تدل على الماضي أو على