والانتفاع بها فيما أمر الله ، وفيما خصصت النعم لها ، والتعرف من خلالها بالتالي ـ إلى ينبوع الخير ومعدن الرحمة ، إلى الرفيق الأعلى .. كل ذلكم أسمى من الاستفادة الجزئية لهذه النعم حسب الحاجات العاجلة ، وكل ذلك يجمعه معنى الشكر.
والآية هذه لا تعني أن العقل وبالتالي العلم ينشأ بتكامل طبيعي عند البشر ، بل بالعكس تماما ، إذا كدت الآية على ان ربنا جعل لنا الأفئدة الّتي هي مركز العقل ، فمن دون هذه النعمة كيف كان يتسنى لنا العلم؟
[٧٩] وأشرف العلم معرفة الله ، ولا تتم المعرفة من دون الايمان ، إذ تبقى الشهوات وصفة الشرك كالسدود المنيعة الّتي لا تدع تيار المعرفة ينفذ الى القلب.
ان الجاحد لا يرى في الطيور الّتي تسبح في الفضاء الا ما تسجله اداة التصوير ، بينما المؤمن تنفذ بصيرته الى معرفة الله الذي أمسك الطيور في جو السّماء.
(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
اي في الهواء المحيط بالأرض ، ولو لا الهواء لما كانت الطيور قادرة على البقاء في الجو ، ولو لا الجاذبية المحيطة بالأرض لقذفت الطيور بمجرد صعودهن في كرة أخرى ، أو في الفضاء اللامتناهي.
[٨٠] وهكذا القلب المؤمن الذي أسلم لله يعرف ما وراء نعم الله من عبر وأهداف.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً)
أي محلا تسكنون اليه.