ان رسالة الله هي دعوة صادقة الى الحياة بما فيها من علم وعمل ، من هدى وحركة ، ومن تسخير الطبيعة لصالح البشر والقرآن يذكرنا بان الاستجابة لهذه الرسالة تتناسب وفطرة البشر واعمق مشاعر المحبة للحياة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ)
ليس المهم ان تعيش سبعين عاما بل ان تعيش حيا بالعلم والحرية والنشاط. ان المؤمن المتحرر من قيود الشهوات والثائر ضد أغلال المجتمع والذي يسخر الطبيعة لصالحه وصالح الناس بالعلم والقدرة انه يعيش كل يوم عاما ، اما الكافر الذي يصبح جزء من الطبيعة ومن النظام الحاكم عليها ، ويستسلم للآخرين فهو ميت ، ولو نبض قلبه بالدم.
والله يدعونا الى الحياة الحقيقية في الدنيا التي تستمر الى الحيوان في الآخرة حيث تكون الحياة فيها للشهداء والصديقين.
وقلب البشر يبقى يعشق الحياة ويحب الاستجابة لدعوة الحياة برغم كل الحجب والعقد النفسية. ذلك لان الله يحول بين المرء وقلبه فلا يدع شعلة الهداية تنطفئ في قلب البشر حتى يرى الحق باطلا والباطل حقا. كلا .. انه يبقى يميز بين الحق والباطل وعلى أساس هذا التمييز يحاسبه الله غدا حين يحشر الناس جميعا اليه.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)
و جاء في الحديث المأثور عن الصادق (ع ) :
«لا يستيقن القلب ان الحق باطل أبدا ولا يستقين ان الباطل حق أبدا» (١)
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٧٠ / ص ٥٨ / ح ٣٤