وكان ينبغي أن
يبيّن حكم الخط والنقط لقوله في الباب : واعلم أنّ هذه الحروف الثماني والعشرين
لها تسع عشرة صورة ، على عدد الصور التي ثبتت في «أبي جاد» لأنّها إمام الكتّاب ...
الفصل.
السبب في أن
جعلت بعض الحروف على صورة واحدة ، وباقيها على صور مختلفة تقاربها من المخرج أو في
الصفات على حسب ما نذكر في باب الإدغام ، وما ليس له مقارب فيما ذكر كتب على صورة
منفردة ليست لغيره من الحروف ، على أنّه كان الأولى أن يجعل لكل حرف صورة حتى لا
يقع التباس بين الحروف أصلا ، ولذلك دخل لسان العرب من التصحيف ما لا يدخل غيره من
الألسنة.
فلما كانت بعض
هذه الحروف على صورة واحدة ، احتاجوا إلى النقط للتفرقة بين الحروف.
فما كان من هذه
الصور لحرفين ، فاختلف أهل النقط فيهما. فمنهم من ينقط أحدهما ويترك الآخر. ومنهم
من ينقط نقطة فوق الصورة لأحد الحرفين ، ونقطة تحت الصورة للحرف الآخر.
فحجة الأول أن
نقطها لأحد الحرفين وترك نقطها للآخر مزيل للبس ، وهو أخصر. وحجة الذي نقطها
للحرفين أنّه قد يمكن أن يتوهم لو تركت لأحدهما غير منقوطة ، لتوهّم أنّه نسي
نقطها.
فالذي ينقطها
لأحد الحرفين يجعل النقطة بواحدة فوق الصورة ، ويغفلها للآخر ، وعلى ذلك أمر كل
صورة بحرفين إلّا الصورة التي للشين والسين. فإنما أغفلت السين ونقطت للشين ثلاثة
، لأنها لو نقطت بواحدة ، لأمكن أن يتوهم أنّها ثلاثة أحرف ، نحو : «بين» أو «نتن»
أو غير ذلك ، فلذلك نقطوها بثلاث فقط لأنه لا يمكن أن يتوهّم أنّ كلمة فاؤها
وعينها ولامها من جنس واحد.
فإن كانت
الصورة لثلاثة أحرف ، أحرف نقطت لأحدهما بواحدة من فوق وللآخر واحدة من أسفل ،
وأهملت الثالث ، نحو : الجيم ، والحاء ، والخاء.
فإن كانت لخمسة
أحرف ، وهو أقصى ما جعلت له الصور ، نقطت لأحدها بنقطة من فوق ، وللثاني من أسفل ،
وللثالث بنقطتين من فوق ، وللرابع بنقطتين من أسفل ، وللخامس بثلاث من فوق ، وذلك
نحو : النون ، والياء ، والباء ، والتاء ، والثاء.
وما كان من
الصور لحرف واحد لا يحتاج إلى نقط.
وأما الحركات
فلما كانت بعض الحروف عملت على صورها فالضمة واو صغيرة على