ذلك ، لأنّ هذه الموصولات ما فيه الألف واللام منها فهي معرفة ، وما ليس فيه الألف واللام منها فهي على نيّتها ، وما هو مضاف فإنّه يعرّف بالإضافة ولا يراعى التعريف من هذين الطريقين ، لأنّه لم يثبت التعريف منهما ، فثبت أنّها تعرفت بالألف واللام فهي من جنسه.
وأعرف هذه المعارف المضمر ، ثم العلم ، ثم المشار إليه ، ثم ما عرّف بالألف واللام ، ثم ما أضيف إلى واحد من هذه المعارف (١).
هذا مذهب سيبويه ، رحمهالله ، وأما الفراء فالمشار عنده أعرف من العلم. ويستدل بأنّ المشار يعرف بالقلب والعين ، والعلم إنّما يعرف من جهة القلب خاصة ، وما يعرف من جهتين أعرف مما يعرف من جهة واحدة. وأيضا فإنه إذا اجتمع المشار والعلم فالعرب تقدّم المشار على العلم فتقول : «هذا زيد» ، ولا تقول : «زيد هذا». وهذا باطل. أما قوله : إنّ ما يعرف من جهتين أعرف مما يعرف من جهة واحدة فغير صحيح ، لأنّ التعرف لا يزيد ، وإنما نعني بقولنا : هذا أعرف من هذا ، أي : ألزم للتعريف ، إذ التعريف لا يتزايد ، فاستدلاله إذا اجتمع المشار والعلم قدّم المشار على العلم في الإخبار لا حجة فيه. وإنّما فعلت العرب ذلك لأنّهم يغلّبون في الإخبار القريب على البعيد فتقول : «أنا وأنت قمنا» ، ولا يقولون : «قمتما» ، ويقولون : «أنت وزيد قمتما» ، ولا يقولون : «قاما».
وما أضيف إلى واحد من هذه المعارف فهو بمنزلة ما أضيف إليه ، إلّا المضاف إلى المضمر فإنّه في رتبة العلم ، هذا مذهب سيبويه رحمهالله ، والمبرّد يقول : ما أضيف إلى واحد من هذه المعارف فهو أقلّ منه تعريفا قياسا على المضمر. وذلك فاسد ، لأنّا قد وجدناهم يصفون المضاف إلى ما فيه الألف واللام بما فيه الألف واللام كقوله :
.. |
|
يمرّ كخذروف الوليد المثقّب (٢) |
ولا يكون النعت إلّا مساويا للمنعوت في التعريف أو أقلّ منه تعريفا ، فلو كان ما أضيف إلى ما فيه الألف واللام دون ما فيه الألف واللام لما جاز هذا. وكذلك قوله :
كتيس الظباء الأعفر انضرجت له |
|
... (٣) |
__________________
(١) انظر المسألة الحادية بعد المئة في الإنصاف في مسائل الخلاف ص ٧٠٧ ـ ٧٠٩.
(٢) تقدم بالرقم ١٠٦.
(٣) تقدم بالرقم ١٠٧.