لتفريق الجماعة ، وإبعاد بعضها عن بعض فى قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً)(١) ، والجامع إزالة الاجتماع الداخلة فى مفهومها ، وهى فى القطع أشد ،
______________________________________________________
تقرير شيخنا العدوى. (قوله : لتفريق الجماعة وإبعاد بعضها عن بعض) أى : الموضوع لإزالة الاجتماع بقيد كون الأشياء المجتمعة غير ملتزق بعضها ببعض ، والعطف فى قول الشارح : وإبعاد بعضها عن بعض للتفسير.
(قوله : الداخلة فى مفهومهما) أى : فى مفهوم التقطيع والتفريق ، وذلك لما علمت أن مفهوم التقطيع : إزالة الاجتماع بقيد كون الأشياء المجتمعة ملتزقا بعضها ببعض ، وأن مفهوم تفريق الجماعة وإبعاد بعضها عن بعض : إزالة الاجتماع بقيد كون الأشياء المجتمعة غير ملتزقة ، فقد أخذ الجامع ـ وهو إزالة الاجتماع ـ فى حد كلّ منهما على أنه جنس له ، وقيد كون الأشياء المجتمعة ملتزقا بعضها ببعض فصلا فى الأول مميزا له عن الثانى ، وقيد كونها غير ملتزقة فصلا فى الثانى مميزا له عن الأول (قوله : وهى) أى : إزالة الاجتماع فى القطع ـ أشد أى : أقوى لتأثيرها فى الاتصال الأشد ، وتقرير الاستعارة فى الآية المذكورة أن يقال : اعتبر تشبيه التفريق بالتقطيع بجامع إزالة الاجتماع فى كلّ واستعير التقطيع للتفريق ، واشتق من التقطيع قطّعنا بمعنى فرّقنا فهى استعارة تصريحية تبعية (قوله : والفرق .. إلخ) هذا جواب عما يقال : إنهم جعلوا إطلاق التقطيع على تفريق الجماعة استعارة ، وجعلوا إطلاق المرسن ـ الذى هو : اسم لمحل الرسن ـ أعنى : أنف الدابة على أنف الإنسان ـ مجازا مرسلا ، مع أنه قد اعتبر فى كلّ من المعنى الحقيقى للتقطيع ، والمرسن وصف خاصّ به غير موجود فى المعنى المستعمل فيه اللفظ مجازا ؛ وذلك لأن المرسن اعتبر فى المعنى الذى وضع له ذلك اللفظ خصوص كونه أنفا لبهيمة يجعل فيه الرسن ، والتقطيع اعتبر فى المعنى الذى وضع له الالتزاق فى الأشياء التى زال اجتماعها ، وحيث اعتبر فى المعنى الحقيقى لكلّ من اللفظين وصف خاص به لم يوجد فى معناه المجازى فلم جعل إطلاق التقطيع على تفريق الجماعة استعارة وإطلاق المرسن على أنف الإنسان مجازا مرسلا؟ وهلّا جعل كل منهما مجازا مرسلا أو استعارة ، وما الفرق بينهما؟
__________________
(١) الأعراف : ١٦٨.