وتأتي أيضا لزمانه نحو «الصّبر عند الصّدمة الأولى» وجئتك عند طلوع الشّمس.
الثاني : تعاقب «عند» كلمتان : لدى مطلقا ، نحو : (لَدَى الْحَناجِرِ) [غافر : ١٨] ، (لَدَى الْبابِ) [يوسف : ٢٥] ، (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) [آل عمران : ٤٤] ، و «لدن» إذا كان المحلّ محلّ ابتداء غاية ، نحو : «جئت من لدنه» ...
______________________________________________________
وجعلها منها ، وإنما تكون منها إذا كان مدلولها مكانا لا مصدرا.
(وتأتي) عند (أيضا لزمانه) أي : لزمان الحضور (نحو) قوله عليه الصلاة والسّلام («الصبر عند الصدمة الأولى») (١) أي : عند زمان الصدمة ، وليس المراد مكانها (ونحو) قولك : (جئتك عند طلوع الشمس) وإرادة الزمان أوضح من الشمس.
التنبيه (الثاني تعاقب عند كلمتان) إحداهما (لدى مطلقا) أي : سواء كان المحل محل ابتداء غاية ، أو لم يكن (نحو) (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) [غافر : ١٨] أي : ممسكين بحناجرهم من كظم القربة شد رأسها ، وهو حال من ضمير القلوب ، وإنما جمع الكاظم جمع سلامة ؛ لأنها وصفت بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء ، أو هو محمول على أصحابها (ونحو (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ) [يوسف : ٢٥] ونحو ((وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) [آل عمران : ٤٤].
و) الثانية (لدن) فتعاقب عند (إذا كان المحل محل ابتداء غاية ، نحو : خرجت من عنده ومن لدنه) وفي لدن هذه لغات بفتح اللام وضم الدال ، ولدن بفتحهما ولدن بضمهما ولدن بفتح اللام وكسر الدال ، والنون فيهن مفتوحة ولدن بفتح اللام وسكون الدال وكسر النون ، ولدن بفتح اللام وتثليث الدال مع حذف النون ، فهذه ثماني لغات.
قال ابن الحاجب : والوجه في بناء لدن وأخوانه أن منها ما وضعه وضع الحروف فحمل البقية عليه ، ولو لا ذلك لم يكن لبنائها وجه ؛ لأنها مثل عند وهو معرب بالاتفاق ، وقال الرضي : الوجه في بناء لدن أن يقال إنه زاد على سائر الظروف غير المتصرفة في عدم التصرف بكونه لازما لمعنى الابتداء ، فتوغل في مشابهة الحرف ، وأما لدى ذات الألف فلا دليل على بنائها فينبغي أن تكون معربة ، كعند وقد مر في حتى عد ابن الحاجب للدى من الأسماء غير المتمكنة
__________________
(١) أخرجه البخاري ، كتاب الجنائز ، باب الصبر عند الصدمة الأولى (١٣٠٢) ، ومسلم ، كتاب الجنائز ، باب في الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى (٩٢٦) ، والترمذي ، كتاب الجنائز عند رسول الله ، باب ما جاء أن الصبر في الصدمة الأولى (٩٨٨).