فإن كان المقام ليس مقام تأخر لكونه بشارة تمحّضت لإفادة الوقوع ، وبتحقّق الوقوع يصل إلى درجة الوجوب.
الثاني : قال بعضهم في (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ) [النساء : ٩١] : السين للاستمرار ، لا للاستقبال مثل : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ) فإنّها نزلت بعد قولهم : (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ) [البقرة : ١٤٢] الآية ، ولكن دخلت السّين إشعارا بالاستمرار ، ا ه.
والحقّ أنها للاستقبال ، وأنّ «يقول» بمعنى : يستمرّ على القول ، وذلك مستقبل ؛ فهذا في المضارع نظير (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) [النساء : ١٣٦] في الأمر ، هذا إن سلم أن قولهم سابق على النزول ، وهو خلاف المفهوم من كلام الزمخشري ؛ فإنه سأل : ما الحكمة في الإعلام بذلك قبل وقوعه؟
تمام العشرين : قولهم في نحو : «جلست أمام زيد» : إن «زيدا» مخفوض بالظرف ، والصواب أن يقال : مخفوض بالإضافة ؛ فإنه لا مدخل في الخفض لخصوصيّة كون المضاف ظرفا.
خاتمة ـ ينبغي للمعرب أن يتخيّر من العبارات أوجزها وأجمعها للمعنى المراد ؛ فيقول في نحو : «ضرب» : فعل ماض لم يسمّ فاعله ، ولا يقول : مبني لما لم يسمّ فاعله ، لطول ذلك وخفائه ؛ وأن يقول في المرفوع به : «نائب عن الفاعل» ، ولا يقول : «مفعول ما لم يسمّ فاعله» ، لذلك ولصدق هذه العبارة على المنصوب من نحو : «أعطي زيد دينارا» ألا ترى أنه مفعول لـ «أعطي» ، و «أعطي» لم يسمّ فاعله؟ وأما النائب عن الفاعل فلا يصدق إلا على المرفوع ؛ وأن يقول في «قد» : حرف لتقليل زمن الماضي وحدث الآتي ولتحقيق حدثهما ؛ وفي «أما» : حرف شرط وتفصيل وتوكيد ؛ وفي «لم» : حرف جزم لنفي المضارع وقلبه ماضيا ؛ ويزيد في «لمّا» الجازمة : متّصلا نفيه متوقعا ثبوته ؛ وفي الواو : حرف عطف لمجرّد الجمع ، أو لمطلق الجمع ، ولا يقول : للجمع المطلق ؛ وفي «حتّى» : حرف للجمع والغاية ؛ وفي «ثم» : حرف عطف للترتيب والمهلة وفي الفاء : حرف عطف للتّرتيب والتعقيب ، وإذا اختصرت فيهن فقل : عاطف ومعطوف ، وناصب ومنصوب ، وجازم ومجزوم ، كما تقول : جار ومجرور.