الرابع : «ماذا صنعت» فإنّه يحتمل معنيين ؛ أحدهما : ما الذي صنعته؟ فالجملة اسميّة قدّم خبرها عند الأخفش ومبتدؤها عند سيبويه ؛ والثاني : أيّ شيء صنعت ، فهي فعليّة قدّم مفعولها ؛ فإن قلت : «ماذا صنعته» فعلى التقدير الأول الجملة بحالها ، وعلى الثاني تحتمل الاسميّة بأن تقدر «ماذا» مبتدأ ، و «صنعته» الخبر ، والفعليّة بأن تقدر مفعولا لفعل محذوف على شريطة التفسير ، ويكون تقديره بعد «ماذا» ، لأن الاستفهام له الصّدر.
الخامس : نحو : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) [التغابن : ٦] ، فالأرجح تقدير «بشر» فاعلا لـ «يهدي» محذوفا ، والجملة فعليّة ، ويجوز تقديره مبتدأ ، وتقدير الاسمية في (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ) [الواقعة : ٥٩] أرجح منه في (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) [التغابن : ٦] لمعادلتها للاسميّة ، وهي : (أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) [الواقعة : ٥٩] وتقدير الفعليّة في قوله [من البسيط] :
٤٦٨ ـ [فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني] |
|
فقلت : أهي سرت أم عادني حلم؟ (١) |
أكثر رجحانا من تقديرها في (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) [التغابن : ٦] لمعادلتها الفعليّة.
السادس : نحو : «قاما أخواك» فإنّ الألف ، إن قدرت حرف تثنية كما أن التاء حرف تأنيث في «قامت هند» ، أو اسما و «أخواك» بدل منها فالجملة فعليّة ، وإن قدّرت اسما وما بعدها مبتدأ فالجملة اسميّة قدّم خبرها.
السابع : نحو : «نعم الرّجل زيد» فإن قدر «نعم الرجل» خبرا عن «زيد» فاسميّة ، كما في «زيد نعم الرّجل» ، وإن قدر «زيد» خبرا لمبتدأ محذوف فجملتان فعليّة واسميّة.
الثامن : جملة البسملة ، فإن قدّر : ابتدائي باسم الله ، فاسميّة ، وهو قول البصريّين ، أو : أبدأ باسم الله ، ففعليّة ، وهو قول الكوفيّين ، وهو المشهور في التفاسير والأعاريب ؛ ولم يذكر الزمخشري غيره ، إلا أنه يقدر الفعل مؤخّرا ومناسبا لما جعلت البسملة مبتدأ له ؛ فيقدّر : باسم الله أقرأ ، باسم الله أحلّ ، باسم الله أرتحل ، ويؤيّده الحديث «باسمك ربّي وضعت جنبي».
التاسع : قولهم : «ما جاءت حاجتك» ، فإنه يروى برفع «حاجتك» فالجملة فعليّة ، وينصبها فالجملة اسمية ، وذلك لأن «جاء» بمعنى «صار» ؛ فعلى الأوّل «ما» خبرها ، و
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو لزياد بن منقذ في خزانة الأدب ٥ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، والدرر ١ / ١٩٠ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٣٤ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٢٧ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٧٠.