واختلف في نحو : «ما قام زيد ولكن عمرو» على أربعة أقوال : أحدها ليونس : إن «لكن» غير عاطفة ، والواو عاطفة مفردا على مفرد ؛ الثاني لابن مالك : إن «لكن» غير عاطفة والواو عاطفة لجملة حذف بعضها على جملة صرّح بجميعها ، قال : فالتقدير في نحو : «ما قام زيد ولكن عمرو» : ولكن قام عمرو ، وفي (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) [الأحزاب : ٤٠] : ولكن كان رسول الله ، وعلة ذلك أن الواو لا تعطف مفردا على مفرد مخالف له في الإيجاب والسلب ، بخلاف الجملتين المتعاطفتين فيجوز تخالفهما فيه ، نحو : «قام زيد ولم يقم عمرو» ؛ والثالث لابن عصفور : إن «لكن» عاطفة ، والواو زائدة لازمة ؛ والرابع لابن كيسان : إن «لكن» عاطفة ، والواو زائدة غير لازمة.
وسمع «ما مررت برجل صالح ولكن طالح» بالخفض ، فقيل : على العطف ، وقيل : بجارّ مقدر ، أي : لكن مررت بطالح ، وجاز إبقاء عمل الجار بعد حذفه لقوة الدلالة عليه بتقدّم ذكره.
* (ليس) : كلمة دالة على نفي الحال ، وتنفي غيره بالقرينة ، نحو : «ليس خلق الله مثله» ، وقول الأعشى [من الطويل] :
٣٠٨ ـ له نافلات ما يغبّ نوالها |
|
وليس عطاء اليوم مانعه غدا (١) |
وهي فعل لا يتصرّف ، وزنه «فعل» بالكسر ، ثم التزم تخفيفه ، ولم نقدره «فعل» بالفتح لأنه لا يخفف ، ولا «فعل» بالضم لأنه لم يوجد في يائي العين إلا في «هيؤ» ؛ وسمع «لست» بضمّ اللام ، فيكون على هذه اللغة كـ «هيؤ».
وزعم ابن السّراج أنه حرف بمنزلة «ما» ، وتابعه الفارسي في الحلبيات وابن شقير ، وجماعة ؛ والصواب الأوّل ، بدليل لست ولستما ولستنّ وليسا وليسوا وليست ولسن.
وتلازم رفع الاسم ونصب الخبر ، وقيل : قد تخرج عن ذلك في مواضع :
أحدها : أن تكون حرفا ناصبا للمستثنى بمنزلة «إلّا» ، نحو : «أتوني ليس زيدا» والصّحيح أنها الناسخة ، وأن اسمها ضمير راجع للبعض المفهوم مما تقدّم ، واستتاره واجب ؛ فلا يليها في اللفظ إلا المنصوب ، وهذه المسألة كانت سبب قراءة سيبويه للنحو ، وذلك أنه جاء إلى حمّاد بن سلمة لكتابة الحديث ، فاستملى منه قوله صلىاللهعليهوسلم : «ليس
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للأعشى في ديوانه ص ١٨٧ وشرح شواهد المغني ص ٥٧٧ وللأعشى أو للنابغة الجعدي في تخليص الشواهد ص ٢٢٧.