قبله ، أي : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) [الفيل : ٥ وقريش : ١] ، ورجّح بأنهما في مصحف أبيّ سورةواحدة ، وضعف بأن «جعلهم كعصف» إنما كان لكفرهم وجرأتهم على البيت ؛ وقيل : متعلّقة بمحذوف تقديره ، اعجبوا ، وكقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (٨) [العاديات : ٨] أي : وإنه من أجل حبّ المال لبخيل ، وقراءة حمزة (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) الآية [آل عمران : ٨١] ، أي : لأجل إيتائي إيّاكم بعض الكتاب والحكمة ثم لمجيء محمّد صلىاللهعليهوسلم ، مصدّقا لما معكم لتؤمنن به. فـ «ما» : مصدريّة فيهما ، واللام تعليليّة ، وتعلّقت بالجواب المؤخّر على الاتّساع في الظّرف ، كما قال الأعشى [من الطويل] :
١٣٩ ـ رضيعي لبان ثدي أمّ تحالفا |
|
بأسحم داج عوض لا نتفرّق (١) |
ويجوز كون «ما» موصولا اسميّا.
فإن قلت : فأين العائد في (ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ؟) [آل عمران : ٨١].
قلت : إن (لِما مَعَكُمْ) [آل عمران : ٨١] هو نفس (لَما آتَيْتُكُمْ) [آل عمران : ٨١] فكأنه قيل : مصدق له ؛ وقد يضعف هذا لقلّته نحو قوله [من الطويل] :
١٤٠ ـ [فيا ربّ أنت الله في كلّ موطن] |
|
وأنت الّذي في رحمة الله أطمع (٢) |
وقد يرجّح بأن الثواني يتسامح فيها كثيرا ، وأما قراءة الباقين بالفتح فاللام لام التوطئة ، و «ما» شرطيّة ، أو اللام للابتداء ، و «ما» موصولة ، أي : الذي آتيتكموه ، وهي مفعولة على الأول ، ومبتدأ على الثاني.
ومن ذلك قراءة حمزة والكسائي : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا) [السجدة : ٢٤] بكسر اللام ، ومنها اللام الثانية في نحو : «يا لزيد لعمرو» وتعلّقها بمحذوف ، وهو فعل من جملة مستقلّة ، أي : أدعوك لعمرو ، أو اسم هو حال من المنادى ، أي : مدعوّا لعمرو ، قولان ، ولم يطّلع ابن عصفور على الثاني فنقل الإجماع على الأول.
ومنها اللام الدّاخلة لفظا على المضارع في نحو : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ) [النحل : ٤٤] ، وانتصاب الفعل بعدها بـ «أن» مضمرة بعينها وفاقا للجمهور ، لا ب
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للأعمش في ديوانه ص ٢٧٥ ، والأغاني ٩ / ١١١ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٣٨ ، وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٢٤٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٣.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو للمجنون في الدرر ١ / ٢٨٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٥٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٩٧ وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٦٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٧.