فقال : يا ربّ ، فإنّي أخطبها إليك ، فما رضاك لذلك؟
فقال : رضائي ، أن تعلّمها معالم ديني.
فقال : ذلك لك يا ربّ إن شئت (١) ذلك لي.
فقال : قد شئت ذلك ، وقد زوّجتكها ، فضمّها إليك.
فقال لها آدم ـ عليه السّلام ـ : إليّ فأقبلي (٢).
فقالت : بل أنت فأقبل إليّ. فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ آدم أن يقوم إليها ، فقام ، ولو لا ذلك لكان (٣) النّساء [هنّ] (٤) يذهبن [إلى الرّجال] (٥) حتّى يخطبن (٦) على أنفسهن. فهذه قصّة حوّاء ـ صلوات الله عليها ـ.
وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : خلقت حوّاء من قصيرى جنب آدم. والقصيرى هو الضّلع الأصغر ، وأبدل الله مكانه لحما.
وقيل في الجمع بين الخبرين (٨) : كونها مخلوقة من ضلعه الأيسر ، إشارة إلى أنّ الجهة الجسمانيّة [الحيوانيّة] (٩) في النّساء أقوى منها في الرّجال ، والجهة الرّوحانيّة الملكيّة بالعكس من ذلك. وذلك لأن اليمين ممّا يكنّى به عن عالم الملكوت الرّوحانيّ ، والشّمال ممّا يكنّى به عن عالم الملك الجسمانيّ ، فالطّين عبارة عن مادّة الجسم ، واليمين عبارة عن مادّة الرّوح ، ولا ملك إلّا بملكوت. وهذا هو المعنى بقوله ـ عليه السّلام ـ : وكلتا يديه يمين.
فالضّلع الأيسر المنقوص من آدم ، كناية عن نقص الشّهوات ، الّتي تنشّأ من غلبة الجسميّة ، الّتي هي من عالم الخلق ، وهي فضلة (١٠) طينته المستنبطة من باطنه الّتي صارت مادّة لخلق حوّاء. فنبّه في الحديث ، على أنّ جهة الملكوت والأمر في الرّجال أقوى من جهة الملك والخلق ، وبالعكس منهما في النّساء فإنّ الظّاهر عنوان الباطن. وهذا هو السّرّ في هذا النقص في أبدان الرّجال بالإضافة إلى النّساء ، وأسرار الله لا ينالها إلّا أهل السّرّ ،
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : عليّ إن شئت.
(٢) المصدر : «أقبلي» بدل «لها آدم ـ عليه السّلام ـ إليّ فأقبلي».
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لكنّ.
(٤ و ٥) من المصدر.
(٦) المصدر : خطبن.
(٧) تفسير العياشي ١ / ٢١٥ ، ح ٢.
(٨) تفسير الصافي ١ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤.
(٩) من المصدر.
(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ : هو فضل.