ربّك أن يجعل رجال الدّنيا قرودا وخنازير ، لفعل. وأن يجعلهم ملائكة ، لفعل وأن يقلب النّيران جليدا والجليد نيرانا ، لفعل. وأن يهبط السّماء إلى الأرض أو يرفع الأرض إلى السّماء ، لفعل. وأن يصيّر أطراف المشارق والمغارب والوهاد كلّها ضرب طرف الكبش (١) ، لفعل. وأنّه قد جعل الأرض والسّماء طوعك والبحار والجبال تنصرف (٢) بأمرك. وسائر ما خلق الله من الرّياح والصّواعق وجوارح الإنسان وأعضاء الحيوان لك مطيعة. وما أمرتها به من شيء ائتمرت.
تمّ كلامه صلوات الله عليه. فقالت اليهود بعد : أنت تلبس علينا واقترحوا عليه أشياء أن يفعلها الجبل المشار إليها فأجابهم إليها.
قال الإمام ـ عليه السّلام : فتباعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى فضاء واسع. ثمّ نادى الجبل : يا أيّها الجبل! بحقّ محمّد وآله الطّيّبين الّذين بجاههم ومسألة عباد الله بهم أرسل الله على قوم عاد ريحا صرصرا عاتية تنزع النّاس كأنّهم أعجاز نخل خاوية ، وأمر جبرئيل أن يصيح صيحة واحدة في قوم صالح حتّى صاروا كالهشيم المحتضر ، لمّا انقلعت من مكانك بإذن الله وجئت إلى حضرتي.
قال : فتزلزل (٣) الجبل ، وصار كالقدح الهملاج ، حتّى دنى من إصبعه. فلصق بها.
ووقف. ونادى : ها أنا سامع لك مطيع ، يا رسول الله! وإن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين ، فمرني بأمرك.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : إنّ هؤلاء المعاندين اقترحوا عليّ أن أمرك أن تنقلع (٤) من أصلك ، فتصير نصفين ، ثمّ ينحطّ أعلاك ، ويرتفع أسفلك ، وتصير ذروتك أصلك ، وأصلك ذروتك.
فقال الجبل : أفتأمرنى بذلك ، يا رسول الله؟
قال : بلى.
قال : فانقطع الجبل نصفين. وانحطّ أعلاه إلى الأرض. وارتفع أسفله فوق أعلاه.
__________________
(١) المصدر : ظرف الكيش. وفي هامش المصدر : صرة كصرة الكيس (خ ل). وكذلك في تفسير البرهان ١ / ١١٤.
(٢) المصدر : تتصرّف.
(٣) المصدر : فتحرّك.
(٤) المصدر : تنقطع.