بقاعدة ( لا ضرر ) ما اذا حبس الانسان حتى فات عمله ، أو حبسه حتى أبق عبده أو فتح شخص قفص طائر فطار ، بدعوى انه لولا الحكم بالضمان في مثل ذلك للزم الضرر على الشخص.
وقد انكر المحقق النائيني الحكم بالضمان فيها معللاً بعدم دلالة ( لا ضرر ) عليه فان دلالته عليه تبتني على القول بان المستفاد منه نفي الضرر غير المتدارك فيدل على الحكم بتدارك الضرر الواقع إما من قبل من سبب اليه ـ ان كان هناك انسان صار سبباً لوقوع الضرر ـ أو من بيت المال ان لم يكن كذلك (١) وبظهر من السيد الاستاذ (قده) موافقته معه في ذلك (٢).
لكن الظاهر انّه لا وجه لانكار الضمان في ذلك فان ثبوته لا يبتني على مسلك الفاضل التوني في مفاد الحديث ـ من نفي الضرر غير المتدارك ـ الذي قد سبق ابطاله ـ بل يكفي فيه نفس ما دلّ على قاعدة الاتلاف لاندراجه تحتها ، فان حبس الحرّ ـ اذا كان كسوباً ـ يكون كحبس العبد والدابة ونحوهما ، تفويتاً لمنافعه المقدر وجودها لدى العقلاء فيكون ضامناً لعمله ، كما ان حبس الانسان اذا أدى إلى أن تشرد دابته أو يأبق غلامه أو يسيل الماء ـ المفتوح لجهة ـ مما يوجب خراب الدار والبستان ، أو يحترق ما في القدر أو ما في الدار بنارٍ كان قد اشعلها تحت القدر وكان قادراً عليها كل ذلك ونحوه يكون اتلافاً للمال عقلاءً.
ولا حاجة إلى قاعدة ( لا ضرر ) في ذلك بل يفي بجعل الضمان قاعدة ( لا ضرار ) بالمعنى الوسيع الذي ذكرناه الذي هو امضاء للقاعدة العقلائية لانها تستبطن تشريع احكام رادعة عن تحقيق الإضرار بالنسبة إلى الغير ، فالحكم بالضمان على من أضر ، من اوضح اسباب الردع عن الاضرار
__________________
(١) لاحظ المصدر السابق.
(٢) لاحظ مصباح الأصول ٢ : ٥٦٠.